طابونة حمزة !
فراج إسماعيل | 12-06-2011 01:19
لن أندهش إذا قلت إنك مت على نفسك من الضحك لمزحة الدكتور ممدوح حمزة، فأنا ضحكت أيضا عندما سمعته يهدد بالعودة إلى ميدان التحرير واستعادة ما كان عليه في 11 فبراير الماضي في حالة عدم استجابة المجلس العسكري لمطلب "الدستور أولا" قبل اجراء الانتخابات البرلمانية.
الدكتور حمزة صرف الملايين على ما يسمى "المؤتمر الوطني الأول" من أجل هدف واحد "الدستور قبل الانتخابات" وليثبت شيئا واحدا، أن الشعب ليس مؤهلا أو ناضجا للاختيار، ومن يسميهم جنابه "كافة القوى السياسية" هي الوصية عليه وتنوب عنه!
يبدو حمزة في تهديده ودعوته لمليونية في ميدان التحرير يوم 8 يوليو، كعجوز متصاب في مراهقة متأخرة، يُضحك ويدفع إلى الشفقة على حاله، مع التمني بأن يستر الله عيوبه، ويكف عنه أذى نفسه.
ليهدد حمزة كما يريد فمصر ليست "طابونة حمزة". إنها ملك لشعبها الذي قال كلمته في ديمقراطية شهد عليها العالم. من حقه أن يدعو لمليونية أو مليارية، وليكن الميدان شاهدا. لكن التهديد في حد ذاته يمثل تمردا واستهتارا بالقانون وإنقلابا على الديمقراطية التي تمثلت في استفتاء 19 مارس.
هذا العجوز واحد من كثيرين يخططون لاستمرار الفترة الانتقالية "الرخوة"، مما يساهم في دفع الناس إلى "المقارنة" بين عهد مبارك وما بعده. "المقارنة" التي كتبت عنها أمس وحذرت من خطورتها.
الناس عندما تجد أمنها مهددا وفي عرض "البلطجية" الذين يفعلون ما يروق لهم دون رادع قوي، ستفضل سلامتها على أي شيء آخر. هذه فطرة بشرية جبل الله عليها خلقه.
المظاهرات والاعتصامات والتهديد بميدان التحرير لأي سبب كما فعلت "المعلمة" التي ظهرت في أحد برامج التوك شو أمس، مثل الدواء الذي إذا زادت جرعته تحول إلى "سم" قاتل، أو المضاد الحيوي الذي يفقد تأثيره بتكرار استخدامه.
أشياء خطيرة تمر في ظل هذه المهاترات لا ينتبه إليها أحد، ولولا استنزاف قيمة "ميدان التحرير" على النحو الذي نراه حاليا، حتى أصبح مأوى للبلطجية، لاستمر رادعا قويا مذكرا الحكومة بأن هناك شعبا يراقب عن كثب ولا يجوز الكذب عليه أو تضليله.
على سبيل المثال استؤنف ضخ الغاز لإسرائيل بدون أن يقول لنا وزير البترول: لماذا تم التراجع عن مطلب رفع السعر، وكيف ندعم اقتصاد اسرائيل بمليارات الدولارات سنويا عن طريق بيعها الغاز بسعر متدن للغاية، بما يوفر عليها 13 مليون دولار يوميا؟!
ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع.. وإسرائيل ليست "جامع" بل عدوا تاريخيا ولو وقعنا معها مليون كامب ديفيد. وهذه المليارات التي نوفرها لها، تدعم ترسانتها العسكرية وتقتل الفلسطينيين بها، وربما تقتلنا في المستقبل القريب أو البعيد.
لا يهم ممدوح حمزة ورفاقه هذا الأمر.. ولا يضيرهم إطلاقا. الانتخابات القادمة وحدها التي تؤرقهم، كأنها آخر انتخابات ستمر عليهم. أليس الأنفع لمصر أن يتوحدوا مع القوى الأخرى لتشكيل حائط صد في وجه الضغوط الخارجية المتتالية التي تمارس على الحكومة وتجعلها تتراجع عن سياساتها الجريئة التي أعلنتها بعد الثورة؟