هذه المعلومات الخطيرة نشرتها جريدة روزاليوسف وعلق عليها الأستاذ/ فهمى هويدى
رجاء من الأستاذة / منى الشاذلى أن تحقق فى هذه المعلومات وتفيدنا عنها وإليكم مقال الأستاذ / هويدى
أخطر من كلام (الجرايد)
لست من أنصار الالتفاف إلى الوراء والانشغال بالنظام السابق، خصوصا أن بعض ما ينشر عن ممارساته عشناه ونعرفه، وأن البعض الآخر من تأليف نفر من الإعلاميين الذين اكتشفنا أخيرا أنهم كانوا ثوارا ومعارضين وإصلاحيين فى السر لكنهم أخفوا كل ذلك عن الجميع طوال ثلاثين عاما. إلا أن هناك بعضا ثالثا مما ينشر يعلق بالذاكرة محدثا طنينا ورنينا يتعذر إيقافه، لأنه من جنس الروايات التى لا يمكن تأليفها بحيث يحتار المرء فى شأنها، فلا يريد أن يصدق أنها وقعت، ولا يتصور أن تكون مختلفة ولم تقع.
من جنس الأخبار الأخيرة ما نشرته صحيفة «روزاليوسف» اليومية على صفحتها الأولى يوم الجمعة 27/5 تحت عناوين كبيرة تقول: محاولات المخلوع المستحيلة ــ مبارك طلب من قادة إسرائيل تهريبه إلى الخارج ــ زعماء أوروبيون رفضوا مساعدته وأوباما أغلق السماعة فى وجهه ــ اتصل عدة مرات بنتنياهو ورئيس الموساد من هاتف سعودى محمول متصل بالقمر الصناعى.
يصدم المرء حين يطالع كل سطر فى العناوين التى احتلت النصف الأعلى من الصحيفة، ويظل فاغرا فاه حين يقرأ تفاصيل التقرير المنشور تحت العناوين ونصه كما يلى: نجح الرئيس المخلوع فى إجراء عدة مكالمات تليفونية مع عدد من القادة الأوروبيين نهاية فبراير الماضى، من مقر إقامته الجبرية بشرم الشيخ. وعلمت «روزاليوسف» أن حسنى مبارك طلب من زعماء دول أوروبية مساعدته على استعادة حكم مصر لكنهم أبدوا له عدم تمكنهم من مساعدته لأنه لم يعد رئيسا للبلاد طبقا للبروتوكول الدولى. كما فشل مبارك فى الفترة نفسها فى الاتصال بالرئيس الأمريكى باراك أوباما حيث فوجئ بعد طلب رقم أوباما بإغلاق السماعة فى وجهه.
من جهة أخرى كشف راديو جيش إسرائيل فجر أمس أن مبارك اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عبر تليفون محمول متصل بالقمر الصناعى يعمل فى إطار شبكة التليفونات المحمولة بالسعودية. وقال الراديو إن مبارك طلب من نتنياهو ومعه بنيامين إليعازر وتامير اردو رئيس «الموساد» أن يساعدوه للخروج من مصر أثناء وضعه تحت الإقامة الجبرية. وأبلع نتنياهو حليفه مبارك بأن المجلس العسكرى فى مصر يرفض فتح حوار حول هذا الموضوع، فيما قدم إليعازر لمبارك الشكر بجمل حميمة عن الجهود التى بذلها لحماية أمن دولة إسرائيل.
وأوضح أن رئيس الموساد قال لمبارك: نخشى التدخل لصالحك فيفسر الأمر ضدك. لكنه وعد الرئيس المخلوع بالتدخل لدى الإدارة الأمريكية لتقديم العون له.
وأجرى مبارك سلسلة اتصالات مع المسئولين الإسرائيليين فى يوم واحد، بواقع مكالمة كل ساعة تقريبا لكن الاتصالات انقطعت بعد ذلك اليوم.
فى عدد تال (الأحد 19/5) نشرت الجريدة ذاتها على صدر صفحتها الأولى العناوين التالية: روزاليوسف تواصل كشف المخطط الإسرائيلى ــ «كيدون» أخطر فرق الموساد لبث الفتن فى مصر ــ تواجدوا فى ميدان التحرير بملابس «السلفيين» وتحدثوا مع الشباب بحكمة الإسلام ــ أعضاؤها يجمعون المعلومات من الأحياء الشعبية وبؤر الفتن الطائفية ــ التحدث بالعامية المصرية شرط الالتحاق بالفرقة بعد دراسة الإسلام ــ لا يعلم هويتهم سوى مدير الموساد ورئيس الوزراء.
هذا الكلام الخطير تنشره صحيفة يومية فى مصر ولا نجد له أى صدى ينفى أو يؤكد ويفسر، لا عند المسئولين الذين يديرون البلد أو عموم المنشغلين بالعمل السياسى ولا بين رجال الإعلام الذين يركضون وراء أى خبر مثير. لا أشكك فيما نشرته الصحيفة، لكنى تمنيت أن أجد كلمة من مسئول فى السلطة يزيل الالتباس والبلبلة التى تنتاب قارئا مثلى لا يريد أن يصدق أن الرئيس المصرى، حتى وإن كان سابقا. طلب من زعماء أوروبيين مساعدته على استعادة الحكم، أو طلب من قادة إسرائيل تهريبه إلى الخارج، وأنه اتصل عدة مرات برئيس الوزراء الإسرائيلى وإن الرئيس الأمريكى رفض الرد عليه. ولا يقل أهمية عما سبق أن الهاتف المحمول الذى استخدمه كان سعوديا.
ثم ما حكاية مبعوثى الموساد الإسرائيليين الذين تواجدوا فى ميدان التحرير بعدما تنكروا على هيئة السلفيين؟ وما علاقتهم بالفتن الطائفية التى اطلت برأسها فى مصر خلال الأشهر الأخيرة؟ وهل الأجهزة المعنية فى مصر على علم بكل ذلك، أم أنها فوجئت بالمعلومات منشورة كما فوجئنا نحن.
لا أظن أن الجريدة يمكن أن تنشر مثل هذا الكلام الخطير دون أن يكون لديها حد أدنى من الاطمئنان إلى مصادرها. وفى النص المنشور ان راديو جيش إسرائيل هو الذى أذاع خبر اتصال الرئيس السابق مع نتنياهو بواسطة هاتف محمول متصل بشبكة الاتصالات السعودية. وإذا صح ذلك فهل يمكن أن نتصور أن روزاليوسف وحدها التى التقطت الخبر، فى حين لم يصل إلى علم الأجهزة المصرية شىء منه. وإذا صح ذلك فتلك مشكلة لا ريب، أما إذا لم يصح وعلمت به الأجهزة، فما الذى فعلته ردا على ذلك. وإذا التزمت الصمت بعدما علمت، ألا يعد ذلك سببا إضافيا لزيادة البلبلة، وعندنا منها ما يكفينا وزيادة؟ ــ إن بعض ما تنشره الصحف أخطر بكثير من أن يعامل بحسبانه مجرد «كلام جرايد»!