علاء الأسواني
Mon, 06/08/2012
المصري اليوم
هل يجوز أن تهاجم إنسانا وهو يؤدى فريضة دينية؟!.. هل يجوز أن تهاجم إنسانا وهو يصلى، سواء كان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو يعتنق أى دين آخر؟!. هل يجوز أن تهاجم إنسانا صائما وهو يستعد للإفطار والصلاة؟!. هذه جريمة حقيرة ودنيئة فى كل الأعراف والقوانين. بعض الجماعات الإرهابية، المنتسبة للدين كذبا، هاجمت الجنود والضباط المصريين فى رفح وهم صائمون يستعدون للإفطار. أطلقت النار عليهم وهم يقومون بواجبهم فى حماية حدود بلادهم. أسفر الهجوم الإجرامى عن استشهاد 16 ضابطا وجنديا مصريا وإصابة العديد من زملائهم، ثم استولى الإرهابيون على مدرعتين مصريتين وهجموا بهما على الحدود الإسرائيلية، حيث تعامل معهم الجيش الإسرائيلى وقصف المدرعتين، ثم أذاع أنه أحرق مدرعة ولم يشر إلى مصير المدرعة الأخرى.. الحادث مريب وخطير فعلا، ويثير أسئلة عديدة، ويفرض علينا رؤية مختلفة للمشهد فى مصر...
أولا: منذ أن نجحت الثورة فى خلع مبارك، تولى المجلس العسكرى سلطة رئيس الجمهورية لحين كتابة الدستور وانتخاب رئيس جديد، وقد طالبت القوى الثورية أكثر من مرة بتشكيل مجلس رئاسى مدنى من شخصيات وطنية مستقلة مع وجود ممثل للجيش، بحيث يؤدى هذا المجلس الرئاسى مهام رئيس الجمهورية خلال الفترة الانتقالية.
اقتراح المجلس الرئاسى المدنى كان يستند إلى حقيقتين: أولا: أن القادة العسكريين مع خبرتهم العسكرية الكبيرة ليس لديهم أدنى خبرة بإدارة الدولة، مما سيؤدى إلى أزمات ومشكلات حدثت بالفعل ومازلنا نعانى منها جميعا، وثانيا: أن مهمة القادة العسكريين فى العالم كله أن يتفرغوا لمهمتهم الأساسية فى الدفاع عن الوطن، بعيدا عن شؤون الحكم والصراعات السياسية، لكن المجلس العسكرى رفض هذا الاقتراح وأصر على أن يتولى بنفسه الشؤون السياسية وغرق اللواءات أعضاؤه فى تفاصيل كتابة الدستور وإجراء الانتخابات وحل مجلس الشعب، وللأسف فإن استغراق قيادات الجيش فى الشؤون السياسية قد ترك أثره بالتأكيد على تركيزهم فى أداء دورهم العسكرى. إن هذا الحادث الإرهابى ينم عن تقصير مؤسف من بعض الأجهزة فى القوات المسلحة.
لقد تنبأت إسرائيل وأعلنت عن وقوع عملية إرهابية فى سيناء، بل وحذرت المواطنين الإسرائيليين من زيارة جنوب سيناء. إذا كان هذا الهجوم الإرهابى متوقعا ومعلنا بهذا الشكل قبل حدوثه بأيام فلماذا لم يتخذ القادة العسكريون فى مصر الاحتياطات اللازمة لإحباط هذا الهجوم وحماية جنودنا الذين استشهدوا؟!.. لماذا لم تصدر تعليمات برفع درجة الاستعداد تحسبا لهجوم أكدت إسرائيل أنه سيحدث فى سيناء؟! إن هذا التقصير الذى أدى إلى سقوط 16 شهيدا مصريا يجب أن يكون محل تحقيق فورى موسع وحازم داخل القوات المسلحة حتى لا يتكرر..
ثانيا: منذ اليوم الأول للثورة المصرية وقفت إسرائيل بوضوح وقوة فى صف حسنى مبارك، الذى وصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه كنز استراتيجى للدولة العبرية. ولأول مرة فى تاريخ إسرائيل يعقد رئيس وزرائها ثلاثة مؤتمرات صحفية فى أقل من ثلاثة أسابيع من أجل هدف واحد.. تدعيم نظام مبارك ضد الثورة، بل إن إسرائيل مارست ضغوطا غير مسبوقة على الإدارة الأمريكية حتى تمنع سقوط مبارك، لكن الثورة انتصرت وخلعت مبارك. من السذاجة إذن أن نتصور أن إسرائيل سيسعدها نجاح الثورة أو أنها ستقف مكتوفة الأيدى حتى يتم التحول الديمقراطى فى مصر. إسرائيل تعرف جيدا حجم مصر وتأثيرها فى العالم العربى، وتعلم أيضا أن مصر تملك إمكانات كبرى وأنها لو أتمت التحول الديمقراطى فسوف تتحول فى سنوات قليلة إلى دولة كبرى وتستعيد دورها فى قيادة الوطن العربى. إسرائيل تعلم أن الثورة فى مصر لو نجحت فإن العالم العربى كله سوف يحقق النهضة وهى ستبذل كل جهدها لمنع هذه النهضة...
من ناحية أخرى فإن إسرائيل تتحرك وفقا لعقيدة صهيونية تعتبر حدود إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وبالتالى فإن كل المعاهدات التى توقعها إسرائيل تعتبرها خطوات تكتيكية تستطيع أن تتنصل منها فى أى وقت لتنفذ خطتها النهائية فى السيطرة على العالم العربى. هذه العملية الإرهابية لا تفيد أحدا إلا إسرائيل، بل إن شكوكا قوية تحيط بدور إسرائيل فى هذا الهجوم. لماذا وكيف تنبأت إسرائيل بالعملية الإرهابية قبل حدوثها بأيام؟! ما الذى يدفع الإرهابيين إلى دخول إسرائيل بمدرعتين؟!.. هل من المعقول أن يتصوروا أنهم سينفذون أى عملية داخل إسرائيل باستعمال مدرعتين فقط؟!. ألم يعلم الإرهابيون يقينا أن القوات الإسرائيلية تراقبهم وسوف تقصفهم فور اقترابهم من الحدود؟! إن دخول الإرهابيين إلى إسرائيل يزيد من الشكوك حول دور إسرائيل فى الهجوم..
أضف إلى ذلك أن الهجوم الإسرائيلى على المدرعتين داخل إسرائيل يقضى على كل أمل لمصر فى معرفة شخصيات الإرهابيين ومن يقف وراءهم.. إن هذا الهجوم يحقق أهدافا محددة لإسرائيل، التى أعدت الرأى العام فى العالم من أجل هذه اللحظة.. إسرائيل منذ فترة تملأ الدنيا ضجيجا فى الصحافة الغربية عن خطورة الفراغ الأمنى فى سيناء، ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون حذرت أكثر من مرة من عمليات إرهابية قد تنطلق من سيناء ضد إسرائيل، وقد أطلق وزير الدفاع الإسرائيلى تصريحا يلوم فيه الجيش المصرى لأنه قصر فى حماية الحدود ويلوح باستدعاء قوات دولية لحماية أمن إسرائيل. كل هذا فى رأيى يبدو مدبرا ومخططا.. سوابق إسرائيل تؤكد أنها لا تترك أى حدث فى مصر أو المنطقة بغير أن تستعمله من أجل تحقيق المزيد من التوسع والعدوان، وهى تستهدف من هذا العمل الإرهابى تحقيق أحد الهدفين: إما التدويل لقطاع من سيناء ووضعه تحت إشراف دولى وإما الدفع بقوات إسرائيلية لاحتلال قطاع من سيناء، بزعم حماية نفسها من الاعتداءات.
ثالثا: نرجو ألا يستغل هذا الحادث الإرهابى من أجل تشويه صورة إخواننا الفلسطينيين فى غزة واستعادة الحصار ضدهم.. لقد ارتكب نظام مبارك جريمة بشعة ضد الفلسطينيين عندما شارك إسرائيل فى حصارهم وتجويعهم. نرجو من أعضاء المجلس العسكرى والرئيس مرسى ألا ينساقوا إلى ما تريده إسرائيل ويستأنفوا حصار أهلنا فى غزة.. إن محنة الفلسطينيين فى غزة لم تعد شأنا عربيا وإنما قضية إنسانية. إن منع المياه والكهرباء والغذاء عن سكان مدنيين جريمة ضد الإنسانية، بعض النظر عن مرتكبها وضحيتها. القوافل التى جاءت مرة تلو الأخرى لفك الحصار عن غزة كان معظم أعضائها من الأجانب المسيحيين واليهود، الذين اعتبروا ما يحدث فى غزة جريمة ضد الإنسانية يحتم عليهم التزامهم الأخلاقى مقاومتها ومنعها.
رابعا: قام المجلس العسكرى بمهام رئيس الجمهورية أثناء الفترة الانتقالية، وكنا ومازلنا نعتقد أن المجلس العسكرى ارتكب أخطاء جسيمة أدت بنا إلى الورطة التى نحن فيها.. لقد حافظ المجلس العسكرى على نظام مبارك، الذى تسبب فى كل المشكلات التى أعقبت الثورة، بدءاً من الانفلات الأمنى والأزمة الاقتصادية إلى نشر الفوضى من أجل استعادة النظام القديم بأى ثمن.. المجلس العسكرى مسؤول سياسيا عن مذابح راح ضحيتها العشرات من الشهداء والمصابين، بالإضافة إلى مئات المدنيين الذين حكوموا عسكريا وألقى بهم فى السجن الحربى.. كنا ومازلنا ننتقد تصرفات المجلس العسكرى، وفى كل مرة كنا نحرص على التأكيد على أن النقد الذى نوجهه لسياسات المجلس العسكرى لا ينسحب أبدا على الجيش المصرى الذى هو جيش الشعب المصرى. لا يوجد بيت فى مصر لا يضم مجندا أو ضابطا فى القوات المسلحة. كنا نؤكد دائما اعتزازنا بالجيش، وإن كنا نعترض على سياسات المجلس العسكرى ونرفض إقحام الجيش فى السياسة، الأمر الذى بدأنا ندفع ثمنه جميعا..
بالرغم من نقدنا المجلس العسكرى واعتراضنا على سياساته ففى هذه اللحظات الحرجة نجد من واجبنا أن ندعمه بكل قوتنا من أجل قيادة هذه المعركة دفاعا عن الوطن.. المجلس العسكرى، الذى طالمنا اختصمناه ونددنا بسياساته، يجب أن يتحول فى نظرنا الآن إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى يجب أن ندعمه بكل قوتنا ليقوم بمهمته من أجل الدفاع عن الوطن. آن الأوان لأن تراجع مصر معاهدة كامب ديفيد التى تمنحها حق مراجعة بنودها كل فترة. إن القوات المصرية الموجودة فى سيناء غير كافية لتأمين الحدود المصرية. آن الآوان لأن يرد الجيش المصرى الصاع صاعين لكل من يهاجم جنديا مصريا. لا نريد من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتصرف بالطريقة نفسها التى اتبعها عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية الحدود المصرية وقتلت 6 جنود مصريين فى العام الماضى، واكتفت السلطات المصرية آنذاك بما يشبه الاعتذار من إسرائيل..
فى الداخل يجب القضاء على الانفلات الأمنى فورا وتماما.. إن الانفلات الأمنى المتعمد من نظام مبارك جريمة فى حق مصر، لكنه إذا استمر فى هذا الظرف الخطير يكون بمثابة خيانة عظمى للوطن. عندما تتعرض مصر للخطر فيجب أن نكون كلنا على مستوى المسؤولية. الواجب علينا الآن ألا نتصرف من منطلق صفتنا السياسية، وإنما بدافع انتمائنا الوطنى. فى هذه اللحظة لا نكون سلفيين أو إخوانا أو ليبراليين أو يساريين، وإنما نكون فقط مصريين واجبهم أن يدعموا القيادة العسكرية للجيش المصرى بكل قوتهم، مهما كانوا مختلفين مع أدائها السياسى. واجبنا جميعا الآن أن نتوحد ونرتفع إلى مستوى المسؤولية ونضع كل طاقاتنا فى خدمة الوطن. لا يعنى ذلك بالطبع أن ننسحب ونوقف التحول الديمقراطى.
فإن مصر يعاد تشكيلها الآن بعد الثورة، ولابد أن نشارك بآرائنا ومجهودنا، لكن علينا أن نعى أن الوطن يمر بلحظة خطرة تسمح بالخلاف فى الرأى، لكنها لا تسمح أبدا بالصراعات مهما تكن أسبابها.. نتمنى أن يستجيب المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى مطالبنا ويعود إلى عمله الأصلى فى الدفاع عن الوطن ويترك الشؤون السياسية للرئيس المنتخب ووزارته. مهما كان اختلافنا مع الرئيس مرسى، ومهما يكن رأينا سلبيا فى الوزارة التى شكلها، فإن مصلحة مصر كما تفرض علينا الوقوف خلف قيادة القوات المسلحة، تفرض علينا أيضا أن نساعد الرئيس المنتخب على تأمين بلادنا وحل أزماتها، لأننا قد نتعرض فى أى لحظة إلى هجوم آخر من إسرائيل، التى تملك الآن ذريعة للتدخل العسكرى فى سيناء....مصر تنتظر منا جميعا أن نرتفع جميعا عن خلافاتنا ونقدم مصلحة الوطن على أى اعتبار آخر.. حفظ الله مصر، ورحم الله الشهداء.
الديمقراطية هى الحل.
رأي المدون:
بعد قراءة الفاتحة على أرواح شهدائنا الابطال في رفح في رأيي أن هذا هو الوقت المناسب جدا لتعديل إتفاقية كامب ديفيد في البند الخاص بعدد القوات على الجانبين.
ومعروف أن الاتفاقيات يحدث عليها تعديل عندما تتغير الظروف ويكون ذلك لصالح الطرفين دائما ولنجاح إستمرار الاتفاقيه.
الظروف القائمة حاليا كانت غير موجوده ولا متوقعه منذ 35 عاما وتحديد عدد القوات كان الهدف منه هو تقليل إحتمالات الاشتباكات ما بين الطرفين إلى أقل حد ممكن لاستمرار عملية السلام.
إستمرار عملية السلام الأن يتطلب أن يستطيع كل طرف أن يحمي أرضه من أي تدخل وأن تكون لديه القوات اللازمة لهذه الحمايه وهذا ما يطلبة الجانب المصري الأن ... ولا يستطيع أن يلومه أحد في طلب ذلك سواء من الجانب الاسرائيلي أو من المجتمع الدولي
ولذلك أرى أن تقوم الدوله المصريه ومن جانب واحد بزيادة قواتها المتفق عليها في الاتفاقية إلى 3 أضعاف دون حاجة إلى الرجوع إلى الطرف الإسرائيلي وأن تستخدم هذه القوات فورا في القضاء على العناصر التكفيريه المتسلله إلى سيناء بضربه قويه من حديد .. مع خطة كامله لإغلاق كل الانفاق على الحدود المصريه وفتح المعابر الرسميه فقط.
وأعتقد أن ذلك لن يغضب أحد ويمكن بعد ذلك تعديل هذا البند بين الجانبين وحتى يعرف أي متأمر ( سواء كانت إسرائيل أو غيرها ) أن الدائره إخيرا تدور عليه .
في رأيي الان ... الان قبل أن تجف دماء أبنائنا الشهداء وليس بعد ذلك
التاريخ يسجل