منى الشاذلي ..
طه خليفة22 سيبتمبر 2012
بدأ وائل الإبراشي تقديم "العاشرة مساء" منذ أيام. إذن، فقد غادرت منى الشاذلي " دريم " نهائيا لتكون هذه القناة قد فقدت إعلامية بارزة ومميزة صنعت أحد أهم البرامج اليومية في المحطة، بل وفي الإعلام المصري الرسمي والخاص، وصارت علامة بارزة في برامج " التوك شو".
والسؤال : هل نسب المشاهدة للبرنامج ترتفع مع وائل، أم هي نفسها عندما كانت منى تطل كل ليلة على المشاهدين، أم أن النسبة تتراجع ،أم أنه مازال مبكرا الحكم على مدى قدرة الإبراشي على خلق شخصية جديدة للبرنامج وتطويره لاستمرار بقائه على قمة " التوك شو" ؟!.
في انتظار نتائج إحصائيات عن ذلك الامر لنعرف هل المشاهد مرتبط بالبرنامج، أم بشخصية من يقدمه؟، لكني مبدئيا ومن المرات التي تابعت فيها " العاشرة مساء" ألاحظ انخفاضا واضحا في عدد الإعلانات التي تسبقه وتتخلله وتأتي في نهايته، فهل هذه إشارة على تراجع المعلنين لأن منى غير موجودة، أم أن هناك ركودا إعلانيا بعد شهر رمضان؟. الملاحظة الأخرى أنني أرى وائل في "العاشرة مساء" كأنه مازال في برنامجه السابق "الحقيقة"، فلا جديد حتى الآن باستثناء استديو "العاشرة مساء"، لكن نمط الأداء لم يختلف، فهو لا يريد أن يتوازن، إنما انحيازاته واضحة، وبداخله ميل إلى الإثارة وليس الرصانة، لكن مع ذلك فقد أنجز عملا جيدا باستضافته ممثلة أمريكية في الفيلم المسيء فضحت الفيلم ومن يقفون ورائه وكشفت كثيرا من المعلومات التي كانت غائبة عنا.
وجهة منى الجديدة غير مؤكدة حتى الآن، لكن يتردد أنها ستعمل في قناة جديدة خاصة بمصر ستطلقها شبكة عربية، وإذا صحت الأنباء فستكون الشبكة هي "mbc" التي يمتلكها رجل الأعمال السعودي وليد الإبراهيم، والقناة سيكون اسمها "mbc مصرية "، وموقف هذه الشبكة وخصوصا قناتها الإخبارية "العربية" لم تكن مؤيدة لثورة 25 يناير، وقامت بدور سلبي تجاهها، ومازالت حتى اليوم تتعامل بخبث مع التغيير في بلدان الربيع العربي، وبالذات في مصر، وتنتهز أي خطأ لتضخيمه لإقناع المشاهد أن التغيير يقود مصر إلى وضع أسوأ مما كان عليه في عهد مبارك، وهي تفعل ذلك لخدمة أنظمة غير مرحبة بالربيع العربي .
المهم أحيي هنا الأستاذة منى الشاذلي رغم ما كان لي من ملاحظات على نمط أدائها وإدارتها للحوار في " العاشرة مساء" وعلى موقفها الذي شابه بعض التذبذب خلال الثورة ، وتحيتي لها على نقطتين هما:
الأولى: أن برنامجها دشن لبرامج "التوك شو" المسائية في مصر والتي تكاثرت بعده وأصبحت هذه البرامج العمود الفقري في كل فضائية جديدة، وكان لـ منى السبق في التأسيس لمثل هذه النوعية من البرامج التي لم يعد هناك غنى عنها، والتي أثارت قضايا مهمة وخطيرة وساهمت في توعية كثير من المواطنين بحقائق الأوضاع وانتقدت سلبيات كثيرة في عهد النظام السابق وأبرزت مفكرين ومحللين وأكاديميين كان الإعلام الرسمي يتجاهلهم، بل سحبت هذه البرامج المشاهدين من تلفزيون الدولة وساهمت في تطوير الأداء الإعلامي وإطلاق المنافسة.
الثانية: أن منى في الأشهر الأخيرة وخصوصا منذ بدأ الاستعداد للانتخابات الرئاسية كانت الأكثر اتزانا وتوازنا وموضوعية في تغطية الأحداث على مستوى كل برامج "التوك شو"، فلم تمِل إلى أي مرشح في الجولة الأولى، ولم تشارك في حملة الهجوم العاصف الموجه ضد جماعة الإخوان ومرشحها في الجولة الثانية حيث تعامل برنامجها معه بموضوعية دون تجن أو بث دعاية سوداء كذلك لم تساهم في تلميع المرشح المنافس أحمد شفيق ولم تعطه أكثر من حقه.
الحقيقة أن "العاشرة مساء" كان الأفضل في تلك الفترة، بل وخلال الأحداث الدموية في "ماسبيرو" و"محمد محمود" و"مجلس الوزراء" حيث كان الفضاء الليلي يعج بهجوم ساحق من قوى سياسية وثورية على المجلس العسكري والإسلاميين واتهامهم بالتواطؤ مع العسكر، لكن منى حرصت على ألا تشارك في تلك الحملات لمجرد المشاركة ومغازلة بعض القوى، بل كانت تتحري الدقة والتناول الهادئ مع سخونة المناقشات والتحليلات وتغليب النزاهة المهنية على الانخراط في حملة التحريض والتهييج التي تصدرتها فضائية "CBC" خصوصا.
كانت المتألقة منى الشاذلي تشعر بالثقة في نفسها وفي برنامجها وفي جمهورها وفي تقدير النخبة لها وأنهم لن يرفضوا الاستضافة بل ربما كانوا يتسابقون إليها وكنت ألمس ذلك من خلال ثقل أسماء ضيوفها وإشادتهم ببرنامجها وبتأثيره وانتشاره الواسع لكل ذلك ولغيره لم تكن منى في حاجة إلى افتعال إثارة سخيفة رخيصة مثل الآخرين لادعاء الشجاعة والجرأة وجذب الجمهور وبالتالي الإعلانات.
أتمنى لها التوفيق في أي فضائية ستذهب إليها ولو كانت " mbc مصرية " فمن المهم أن تكون واعية لأهداف تلك القناة التي لن تنفق الملايين هباء، بل المؤكد أن لها أهدافا معينة تريد تمريرها من خلال نجوم مصريين موثوق فيهم ولهم قبول مثلها، وبالتالي فهي مطالبة باستمرار الإخلاص لخطها الإعلامي الهادئ الرزين المحترم مثل بشاشة وجهها الصبوح وهدوء ونقاء ابتسامتها لتأكيد قيم المهنية والمصداقية والموضوعية والنزاهة المهنية وقبل كل ذلك احترام الإعلامي لجمهوره ولنفسه.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - منى الشاذلي ..
http://www.alwafd.org/مقالات-الرأى/287-طه-خليفة/267775-منى-الشاذلي