مواجهات حتمية - الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم
(1) لعبه الإعلام كما صَورها تشو مسكي
ليست رسالة سامية كما يقول الإعلاميون في الغالب , وليست لتصحيح مسار الأوطان , كما أنها ليست رسالة لنشر الحقائق وتوعية الشعوب بحقوقهم , بل هي أجندات محدده , وخطط موجه لضرب أحد الأطراف أو تشويهه !
ليس من الضروري أن يكون الرأي العام يريد هذا الشىء , نستطيع أن نصنع الرأي العام بعد وضع أهدافنا وصياغتها , الرأي العام قادم معنا لا محاله , لأننا من يصنعه ويوجهه !
هكذا يفكر الإعلام , وكهذا تفكر الدول الرائدة فى صناعه الإعلام , وقد صور طريقة التفكير هذه ناعوم تشومسكي فى كتابه السيطرة على الإعلام , والتي سماها تصنيع الإجماع , بمعني جعل الرأي العام يوافق على أمور لا يرغبها أصلاً , ولكن عن طريق وسائل دعائية معينه يتغير الرأي العام بما يوافق رأي النخب التي تفكر وتقرر .
بنفس هذه الطريقة دخلت أمريكا الحرب العالمية بتصوير الألمان بصورة الوحوش الآدمية التي تأكل الأطفال وتقتل العجائز , وبنفس اللعبة دخلت أمريكا العراق بتصوير صدام حسين فى صورة الوحشي , بل وصفوه بأخطر رجل في العالم و وأنه راعي الإرهاب في الشرق الأوسط وقريباً يزحف لغزو العالم !!
إذن ما تصوره للناس هو ما سيعتقدوه في الغالب وما سيحاربون لأجله فيما بعد , وبنفس المنطق يتعامل الإعلام المصري مع قضايا الأمة , طريقة الاستخفاف بعقول المصريين , وتوجيه العقول إلى قضايا مقرره عندهم أو عند من ينفقون عليهم الملايين ويصدرونهم .
للأسف الشديد لا نستطيع أن نقول أن هذه الطريقة لن تنجح مع المصريين أو العرب عموماً , لأنه من أكثر الشعوب تأثراً بالإعلام الشعوب العربية , وإلا فكيف قامت الثورات العربية في تونس ثم مصر وليبيا وسوريا واليمن , إنها الصور التي تناقلتها الجزيرة والعربية وباقي القنوات التليفزيونية والإخبارية , ولكن انتبه فلم تكن إرادة شعوب كما يقولون , وإنما إرادة من له مصحله في قيام هذه الثورات و إلا فالواقع يشهد أن شعوبنا العربية ليست من الشعوب التي تنتهج ثقافة الثورات , وكل ما كان يحدث في الأنظمة البائدة هي مظاهرات يُكبح جناحها قبل إطلاقها وتنهي قصتها قبل أن تكتب أول حرف فيها .
حينما تنظر إلى برامج التوك شو تعرف جيداً معني كلام تشو مسكي ( تصنيع الإجماع ) أو ( إدارة الإجماع ) فالإعلاميين دائما يتكلمون باسم الجمع كمن يقول الشعب لن يرضي , الشعب سيقف ضدكم , شعوبنا تأبي ذلك , المصريون لن يتركوكم ..!! وأشهرها طبعا ( الشعب يريد ) التي كان عليها مدار الثورة ..
لكن هل لنا أن نسأل هذا الإعلامي المفوه , من فوضك للحديث باسم الشعب ؟ لماذا لا تتكلم باسمك أو باسم نخبتك أو جماعتك أو قناتك التليفزيونية ؟
هذه إشكالية يجب أن تدركوها جيدا , من يتكلم باسم الشعب ليس مفوض من احد وإنما هو افتئات على إرادة الناس وتلبيس على عقولهم , وإظهار صورة الإجماع لرأي قد لا يراه صحيحا إلا هو ومن خلفه , ولكن بإمكانيات الإعلام التي تعرفونها تخرج الصورة قوية , وفي بعض الأحيان صادمه , تجعلك تصدق أشياء أن متأكد أنها على عكس ما تراه , ولكن هي صناعه الإعلام .
- اتعجب عندما يتكلم المحللون السياسيون والإعلاميون وبعض المشايخ أيضا وتتفق عباراتهم ان الثورة كانت مفاجئة , والبعض الآخر يقول أن الثورة لم يتوقعها أحد , ثم تجد نفس الأشخاص يرددون ( الثورة إرادة شعب ) تُشعرك أحيانا هذه العبارات بشيء من إثنين , إما جهل بالواقع , أو نفاق سياسي كما يقولون , الكل يقول ثورة غير متوقعه يعني لم يُردها الأغلبية ولو أرادها أغلبية الشعب لكانت متوقعه من قطاع عريض من النخب والسياسيين والإعلاميين الأفذاذ فلا تدري هل هو جهل كما ذكرنا أم أنه نفاق سياسي , وأنا أميل إلى الخيار الثاني , فقد تكون الصورة فى ألبداية مقلقه لكن الذكي من يقف محايد حتي تظهر بوادر الحركة , فإن فشلت نحن مع السلطة وإن نجحت فنحن مع الثوار .
- هكذا بات المشهد سخيفاً , وظهر الإعلام فى أسوأ صورة , صورة أعتقد أن تشو مسكي نفسه لم يتوقعها , صورة الإعلاميين المتحولين بجرأة وتبجح فى نفس الوقت , واللعبة التي كانوا يلعبونها قديما لتلميع مبارك ونظامه يلعبونها الآن لتشويه التيار الإسلامي .
- الآليات لهذا التشويه لا تختلف كثيراً , فى القديم كانوا يظهرون إنجازات النظام فى أبهي حُله , حتي انك قد تصدق أن بلادنا فى نمو حقيقي وأنها مُقدمه على منافسه الدول المتقدمة !! أما الآن فهم يعكسون الآية تماماً فلا ينسبون أنجازاً واحداً إلى النظام الحالي , بل يشوهون ما يقوم به النظام على طريقة عمرو أديب وزوجته لميس الحديدي وابراهيم عيسي ووائل الإبراشي , ولا شك أن النظام الحالي ساعدهم كثيرا فى تصنيع نوعاً من الإجماع ضده , وهذا مُشاهد لا يحتاج إلى دليل .

لمتابعه باقي المقالات على صفحتي على الفيس بوك تحت عنوان بالعربي الجريح .


https://www.facebook.com/pages/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%AD/362784153835335