الرائع والرائعة ! ـ د. نصار عبدالله .. يعلق علي الحوار الذى دار بين الرائع فى مجال البحث العلمى الدكتور مصطفى السيد وبين الرائعة فى مجال الإعلام السيدة منى ..
الرائع والرائعة
استمعت فى برنامج العاشرة مساء إلى الحوار الذى دار بين الرائع فى مجال البحث العلمى الدكتور مصطفى السيد وبين الرائعة فى مجال الإعلام السيدة منى الشاذلى ، .... بعض نقاد الإعلام يأخذون على منى الشاذلى أن عباراتها تفتقر إلى ذلك الإنسياب والتدفق الذى تتسم به مذيعات أخريات ومذيعون آخرون ، فهى كثيرا ما تتوقف هنيهة فى منتصف الجملة وأحيانا فى منتصف الكلمة قبل أن تواصل الحديث، والحقيقة أنى أرى هذا النقد فى غير محله , وأرى أن هذه السمة هى واحدة من ميزاتها بل من أهم ميزاتها ..إنها تفكر قبل أن تنطق ...إن طريقة أدائها تعبر بوضوح عن أنها توازن فى ثوان معدودة وأحيانا فى ثانية واحدة أو أقل ، توازن بين العديد من البدائل التى يمكن أن تجىء عليها عباراتها وكلماتها ثم تختار فى النهاية ذلك البديل الأكثر دقة وإحكاما والأكثر ذكاء ورشاقة وعمقا ، والأكثر قدرة على توجيه الحوار إلى الوجهة التى تريدها !!.. نعم هناك الكثيرون من المذيعين والمذيعات ممن يتكلمون بثقة شديدة ( الباعث عليها هو الجهل فى أغلب الأحيان ) ... ولا يتوقفون لحظة واحدة لكى يفكروا فى معنى ومضمون ما قالوه .. أعرف على سبيل المثال قارئا شهيرا لنشرة الأخبار بالتلفزيون المصرى كان يمثل بالنسبة لى مصدرا من مصادر المتعة والتسلية حين أستمع إليه وأتأمل قسمات وجهه وهو يتلو النشرة دون أن يتلعثم أو يتوقف رغم أنه كان كثيرا ما يرتكب أفظع الأخطاء وأفحشها دون أن يتدارك أو يعتذر، ودون أن تبدو على وجهه أية علامات من علامات الإحساس بالخطأ أو حتى علامات الفهم !!.... فيما يأتى أمثلة ما زلت أذكرها من مأثوراته : ـ "... وأضاف المتحدث الرسمى أن العلاقة بين البلدين طيبة ومسلسلة للغاية!! "( المقصود بالطبع : سلسة للغاية ) أو ..." صرح وزير الأوقاف بأنه سوف يتم منح جائزة لمن أتم حفظ ربع القرآن وجائزة أخرى لمن أتم حفظ نصف القرآن ، أما الجائزة الكبرى فسوف تمنح لمن أتم حفظ القرآن جمعية !! ( المقصود طبعا من أتم حفظ القرآن جميعه وليس جمعية! ) ... أعتذر للقارىء عن هذا الإستطراد الذى جرنى إليه تطبيقى للمبدأ الذى يقول بأن الميزات بأضدادها تعرف ، وأننا لكى نقدر مزايا إعلامية متميزة مثل منى الشاذلى فلا بد أن ننظر ولو قليلا إلى نقائضها التى تتجلى فى أمثال ومثيلات ذلك الذى أشرت إليه منذ قليل ، وهم ، وهن ، كثيرون وكثيرات فى سائر قنواتنا وغير قنواتنا الأرضية والفضائية ، أعتذر عن الإستطراد وأعود إلى الحوار الذى أجرته الرائعة منى مع المصرى الرائع مصطفى السيد ، حيث استطاعت رغم كونها غير متخصصة أن تحسن اختيار أسئلتها بحيث تسمح للمتكلم الضيف أن يقدم للمشاهد بلغة بسيطة جوهر إنجازاته وأهمية تلك الإنجازات ، كما استطاعت أن تكشف لنا عن جوانب إنسانية لافتة فى شخصية هذا العالم المصرى العظيم أهمها هو ما يتسم به من تواضع صادق وجم ومن صدق نادر مع النفس ومع الآخرين، ومن وفاء جدير بالإعجاب لشريكة الحياة، وقد وجدت نفسى وأن أتابع فقرات الحوار ، وجدت نفسى مدفوعا لأن أقارن بينه وبين أحمد زويل ، صحيح أنه لم يحصل على نوبل مثل زويل ، أو بالأحرى لم يحصل عليها بعد، لكن حجم إنجازاته فيما أتصور، خاصة إذا ما كللت بالنجاح تجربة تطبيقة تقنية علاجه الجديد للسرطان على البشر، سوف يفوق حجم كثير من الإنجازات التى حصل أصحابها على جائزة نوبل ، ..وبغض النظر عن حصوله أو عدم حصوله على جائزة فى حجم نوبل فإن نتيجة المقارنة التى وجددت نفسى بشكل لا شعورى أعقدها بينه وبين زويل كانت فى جميع جوانبها تقريبا لصالح الدكتور مصطفى السيد الذى رأيت فيه التجسيد الأقرب إلى النموذج الأمثل للعالم ـ كما أتصوره على الأقل .. فهو أكثر بساطة وصدقا ، وهو أكثر تواضعا ، وهو أشد إنسانية ، وهو أقل سعيا إلى وسائل الإعلام رغم إدراكه لمدى خطرها وأثرها فى تكريس الحقائق ( وتكريس الأكاذيب أيضا )، لعل السؤال الوحيد الذى لم يعجبنى فى أسئلة منى الشاذلى هو : لماذا لم يكن الدكتور أحمد نظيف فى استقبالك ؟؟ ..إننى لست واثقا عما إذا كانت السيدة منى الشاذلى قد أسرت لضيفها قبل بدء التسجيل برغبتها فى توجيه هذا السؤال إليه ، ولست واثقا من أنه قد وافق سلفا عليه أم لا ؟؟ ومع هذا، وأيا ما كان الأمر ، فإن مثل هذا السؤال يعطى الدكتور نظيف حجما أكبر من حجمه وقامة أطول من قامته، إذ ما قيمة أن يكون هناك موظف كبير فى استقبال عالم جليل؟ ، ما قيمة وجود مثل ذلك الموظف ولو كان بدرجة رئيس وزراء ؟؟