جزاء سنمار
كتبت : نواره نجم
طاه، بلاها دول حوض النيل. دول شمال أفريقيا من الدول الجاذبة للاستثمارات، أهو.. الاستثمارات التي يحبها الأحمدان: نظيف وعز. اتبعت دول شمال أفريقيا خطانا في اعتماد اقتصاد تجارة الشنطة، والتي بدأها الرئيس السادات معلنا: «اللي مش حيعمل فلوس في عهدي مش حيعمل فلوس أبدا». فلماذا لم نشكل معهم جبهة اقتصادية؟
في اقتصاديات السمسرة، يمكنك كسب حلفاء من خلال الاشتراك مع زملائك السماسرة لاستغلال المستثمر بدلا من التصارع معهم عليه، وهكذا تربح وتربح غيرك. ولأنني أحتقر هذا النوع من المكسب، فسأتحدث عن خيارات أخري، مع الوضع في الاعتبار أننا كان يمكننا فعل ذلك ولم نفعل. حتي شغل الحلانجية مش فالحين فيه يا نظيف؟
كان يمكننا أن نتدخل بين المغرب والجزائر، لا لندق إسفينا بينهما كما اقترح د.مصطفي الفقي، وبسببه اتهمنا الشعبان بأننا نتصرف «كاليهود» علي حد تعبيرهم، ولكن لإصلاح ذات البين بالحسني فإما أن نحلها، ونكسب شعبية جارفة، أو تظل مصر بالنسبة للبلدين تمثل الوسيط الذي يلوذان به لحل الأزمات بينهما. صعبة؟ كان يمكننا أن نعمق التعاون الاقتصادي مع ليبيا، وكلما وقعت ليبيا في مشكلة من مشاكلها الكثيرة، نطلق تصريحات تدعم الموقف الليبي، واحنا شاطرين في الرغي. صعبة؟ بلااااش، التونسيون يحبون الفن المصري، كان يمكننا علي مدي ثلاثين عاما أن ننط لهم كل شوية لنغني ونرقص كمان إذا لزم الأمر. صعبة؟ هذه السياسات التي تبدو بسيطة وتافهة كانت ستضمن لنا حلفاء يأخذون صف مصر التي يحبونها بالفعل ولا يحتاجون إلا لقليل من مودتنا لإنعاش هذه المحبة، المثل المصري يقول: ود تتحب. لو حدثت هذه الأزمة في الستينيات - التي بشرنا الرئيس بأننا انتقلنا منها إلي رحمة الله - لتصدت دول شمال أفريقيا بصدورها لحماية ظهر مصر. خاصة الجزائر. تذكرون حين تحدثت عن أهمية الجزائر لأمننا القومي؟
كان يمكن لدول شمال أفريقيا أن يكون لهم دور في حل الأزمة، بالوساطة، بالضغط الاقتصادي، بالضغط علي حلفائهم من الدول الأفريقية، ولو اضطررنا لحل عسكري، كنا سنجد «أمازيغيا» يوقع لنا شيكا علي بياض لتسليحنا، وكنا سنجد شعبا «لقيطا» يرسل كتائبه لتحارب معنا، كما كنا نجده دوما بجانبنا، فجازيناه جزاء سنمار.
لكن أيا من هذه الدول لن يتدخل، تعلمون لم؟ لأنهم «البربر، الأمازيغ، الهمج» الذين قال عنهم علاء مبارك: ما بيعرفوش يتكلموا عربي. والذين لا يفهم عمرو أديب لماذا يكرهوننا، والذين أبكوا مفيدة شيحة، وخلع أحدهم البنطلون لفردوس عبد الحميد، وأدخلوا الزجاج في تي شيرت محمد فؤاد، واضطر طاقم برنامج العاشرة مساء للعمل في يوم الإجازة بسببهم، وندم مجدي الجلاد وشوبير علي اقتراحهما بالمصالحة. ها نحن مهددون بالفناء ولا نجد حولنا من يقول: حتوحشينا يا مصر لما تختفي من الخريطة. وربما قالوا: غوروا.. ده لسانكوا عايز حشه. ولم يفتح برنامج واحد دكانه في يوم إجازته ولو علي سبيل تقبل العزاء في شريان حياتنا.
إن لم نجد الماء، سنشرب دماء الذين وقفوا يصفقون بالقباقيب تحت الشبابيك ويزغردون ويشرشحون، وخسرونا دولا كانوا في يوم مخزوننا الاستراتيجي.
المصدر : جريده الدستور
بتاريخ : الثلاثاء 18 / 5 / 2010