تمر هذه الأيام ذكرى وفاة إسماعيل يس فهو لا يعتبر مجرد ممثل بل إنه واحد من الكوميديانات العباقرة . استطاع ان يعيش لحوالي الأربعين سنة بعد وفاته تتجسد عبقريته في ذلك قلة إمكانيات تكاد تكون من العدم كوميدية صعبة جدا لانها تخلوا من إي ايحائات جنسية
بدأ حياته بفراق والدته وعدم استقامة والده ودخوله السجن هرب من زوجة والده التي تكيل له الإتهامات ظلما وعدوانا الي جدته التي لا تعرف شيئا الا المقابر والحياه فيها هرب الي مصر بعد ان سرق بضعة جنيهات من جدته ذهب ليغني بصوته الذي يؤهله لذلك منعه شكله وتقاطيع وجهه التي كانت سببا في أسطورته لم يجد أي ملجأ ينام فيه بعد ان افلس وطرد من مسكنه لم يجد ما يأكله فتصارع مع قطط الشوارع والكلاب حتى يحصل على اكلهم من القمامة دخل بيت من بيوت الله دخل فيه وارتاح بعد عناء التشرد والفلس وغط في نوم عميق ليقوم على ركل المصلين وضربهم له بتهمة السرقة يأويه إمام المسجد بعد ان يتأكد من برائته ويكفله
ويذهب الي بلده ويعود بعد سنوات يبدأ من جديد في الملاهي الليلية ككوميديان ومنولوجيست يواجه الصعوبات الطبيعية من حقد وغل من كل ناقص ولكن موهبته تنتصر على أي شئ ليبدأ رحلة الصعود الدرامي بسرعة الصاروخ يتعب ويعمل بلا نهاية يعوض ما فاته انتقاما من الزمن يعمل العشرات من الافلام في عام واحد يلمع نجمه لسنوات طويلة يكون من أوائل المليونيرات في تاريخ مصر بعد انور وجدي
يصبح رائدا من رواد المسرح الكوميدي وله فرقته الخاصة التي تتصدر القائمة مع فرقة الريحاني تهاجم أفلامه بشدة وبضراوة أنه رمز للتخلف والإسفاف كأفلام اللمبي الأن
في حياته الفنية كلها لن نجد أنه قبل أيا من الممثلات أي قبلة في أحداث أي فيلم إنتبهت حكومة الثورة لتأثيره الشديد وتعلق الجماهير به دفعته قرروا مساعدته لعمل سلسلة أفلام تحبب الشباب في الحياه العسكرية فكانت السلسلة اسماعيل يس في الجيش والبوليس السري والحربي والطيران ويصل الامر أن يفتتح الرئيس عبد الناصر أحد أفلامه ويغني مونولوج اسمه عشرين مليون وزيادة مدحا في الثورة لم يكن نفاقا أو سيرا مع التيار كان عن اقتناع بفكرة إيمان بمبدأ
وتظل نقطة ضعفة هي الطفولة والأيام الجميلة يأتي ابنه فيدلله ويصرف عليه ببذخ شديد الي حد الإسراف ولا يحرمه من شئ ويكلف له حفلات بالألوفات محرما على نفسه ان يحرم ابنه من اي شئ حرم منه في طفولته في اوقات فراغه يتسلل الي غرفة ابنه يلعب بلعبه كالطفل
رغم خفة دمه وعشقه للضحك الا ان ذلك كان يعد حاجزا يخفي ورائه جراح واحزان ساكنه كالبركان يظهر ذلك واضحا في أحد لقائاته الإذاعية عندما سأله المحاور عن حياته فرد بسخرية فطالبه المحاور أن يتحدث عن حياته بجدية ولو مرة فما كان منه إلا أن تحدث وقص جزءا من قصته حتى منعه بكائه فضج الحضور بالتصفيق بعد أن أبكاهم معه
كان همه إضحاك الناس حتى وهو في أحلك الظروف عندما مرض إبنه بشده وهو كل حياته ونقطة ضعفه ينزل إلي الشارع كالمجنون يستوقفه سائق تاكسي مصرا على ان يضحكه يحاول أن يشرح له ظروفه فيصر الرجل أن يضحكه فيرضخ له ولا يتركه الا بعد أن ينفذ له طلبه
تدور عجلة الزمان على صاحبها ويبدأ المؤشر في النزول ظهرت الفرق المسرحية الحكومية المدعمة من الدولة كفرقة التليفزيون وجوه شابه جديدة بدعم حكومي بلا ايجار مسارح واجور غير مكلفة واعلانات منخفضة التكاليف خفضت سعر التذكرة فذهب المشاهد بعيدا عن المسرح الخاص وظهرت فرقة ساعة لقلبك مدبولي والمهندس وغيرهم وبدأت نجم الفرقة في الأفول حاول معالجة الأمر مع صديق عمره الإبياري بلا جدوى باع المسرحيات كلها في التليفزيون على امل عودة المشاهد حدث العكس قل الطلب عليه في الأفلام بدون سبب
حاولت زوجته مساعدته بايجاد حل بلا فائده قررت الضرائب الحجز عليه ومطالبته بتسعين الف جنيه في حين ان ثروته كلها اربعين الف جنيه صودرت جميع ممتلكاته وعاد الي أيام الصعلكة في المواصلات وسافر الي الدول العربية في جولة يجمع بها ما فقده وجاءت النكسة فظل في الخارج وكون فرقته وعزم على العودة من جديد بعد بعض النجاح الذي حققه ودفع كل ما جمع في فترة قليلة حتى يعود بقوة ولكنه عاد من حيث اتى وفشل وعاد الي مصر بحثا عن عمل اي عمل ذهب الي قيادة الثورة التي خدمها كثيرا باعماله يطلب المساعدة بمعاش استثنائي فأعطوه شهادة تكريم ولم يعطوه المعاش وعمل بعض الادوار الصغيرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع جاب الملاهي التي بدأ منها لعلها ترضى به ورضت به وعمل بها وهو غير مضدق ما وصل اليه الحال من البحث على لقمة العيش وهو في الستين من عمره ولم يتركه الاعلام ولا الجرائد صرحوا أنه يتسول في شوارع الفن دافع عن نفسه انه لا يجد قوت يومه رفض ان ينزل مرة اخرى الي الملاهي وحبس نفسه في غرفته حزينا حتى مات وحيدا من الإكتئاب
اسماعيل يس كان دائما يردد ويصرح أنه استعد للموت ببعض النكات والقفشات التي ستشفع له عند الموت قد تكون فكرة خاطئة للتعامل مع الموت ولكنها تعكس طيبة وحكمة وفطرة إنسانية وطمع في عفو الرحمن من عبد فقير
ومن المؤسف أن نعلم أن كل تراث اسماعيل يس المسرحي المسجل على شرائط في التليفزيون تم مسحه وتسجيل نشرات الأخبار عليه ومباريات كرة القدم . ولم يتبقى إلا جزء من مسرحية واحدة إسمها كل الرجالة كدا
كتبه / عمرو علي
آيات السيد مؤسس وإدارة الموقع
النوع : العمر : 30 الدولــة : تاريخ التسجيل : 16/06/2007