" درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " قاعدة فقهيه استخدمها السلفيون في بداية الثورة لدعوة الثوار الى العودة الى منازلهم خوفا من الفوضى التي ستؤدي اليها الثورة ، وذلك بالتوافق مع قاعدة عدم الخروج على الحاكم .
ترى لو سبقت الثورة الليبية ثورتنا السلمية ورأينا ما وصلت اليه ليبيا من دمار ومئات الالاف من القتلي والمصابين وما هو متوقع لمستقبلها من انقسامات ، هل كنا سنكمل ثورتنا ام كنا سنستمع الى نصيحة مبارك المخلوع " انا او الفوضى " .
الشعوب في الثورات لا تحسب النتائج المترتبه على الثورة ، لان الشعوب ببساطة لا تثور إلا بعد عقود من الظلم والاستبداد ، لا يفكر احد فيما سيترتب عليه قيام الثورة من فوضى ونهب بل ان الثائر يقبل على التضحيه بنفسه ، فتحقيق اهدف الثورة اسمى واغلى من حياة الثائر نفسه ، هذا هو منطق الثائر .
ما يفعله المجلس العسكري في مصر الان يفسره الكثيرون بأنه التفاف على اهداف الثورة بغرض النيل منها واعادة النظام القديم مع عملية تجميل لوجهه ، كتلك التي فعلها على عبد الله صالح في وجهه المحروق ، ويوما بعد يوم تكتسب عدم الثقة في اداء المجلس العسكري ارضا جديده وخصوصا مع اصراره على اتخاذ قرارات على عكس رغبة الاغلبية بل ان المجلس العسكري في قراره الاخير بتقسيم نسبة القائمة والفردي في الانتخابات البرلمانية جاء على عكس رغبة جميع التيارات السياسية مستندا في ذلك على منطق دستوريا ام غير دستوريا مع ان المجلس نفسه اعلن من قبل اسقاط دستور 71 فعلى اي دستور يستند المجلس العسكري الان ؟؟ اتذكر برلمان 2005 وهو يناقش المادة 76 وتفاصيلها الكثيرة وكانها فصلت لشخص ما مع اضافة بند عدم اجازة الطعن على اللجنه الانتخابية العليا ، ونواب المعارضه يصرخون ان ذلك غير دستوري بينما زكريا عزمي يرد عليهم بكل بساطه ازاي هيكون مش دستوري وهو منصوص عليه في الدستور ؟؟؟ سؤال بديهي نسأله للمجلس العسكري كيف يمكن الطعن بعدم دستورية نظام القائمة النسبية مع انه يمكن وضع نصخاص بذلك في اعلان دستوري تكميلي ونحل المشكلة بكل بساطة .
المشكلة بين الثورة والمجلس العسكري ليست في النظام الانتخابي فقط ولكنها ببساطة شديدة هي ان الثوار يريدون من المجلس العسكري ان يبين لهم انه مع الثورة وليس ضدها وخصوصا ان شرعية المجلس العسكري في انه حمى الثورة اصبحت على المحك بعد ان سمعنا عن الشهادات في محاكمة مبارك وهذه البطاطين لا تعطي للمجلس شرعية تولي السلطة اثناء الفترة الانتقالية .
العلاقة بين المجلس العسكري والثوار الان تذكرنا بتلك العلاقة بين الثوار ومبارك بعد يوم 25 يناير ، كل طرف يضغط على اصبع الاخر وينتظر من الاخر التسليم ، المجلس العسكري يلوح بإمكانية حدوث فوضى وصدام مع الجيش في حالة تزايد مظاهرات الاعتراض على ادائه ويراهن على عامل الوقت في تهدئة الثورة ، والثوار في الجانب الاخر لا يهمهم سوى استكمال مشوار الثورة وتحقيق اهدافها بسرعة ، وهم في سبيل ذلك لا يبالون بالنتائج والتضحيات .
الحل الوحيد للخروج من هذه الازمة هي المصارحة والشفافية من جانب المجلس العسكري وتقديم الخطاب الصادق دون كذب لان الشعب اذكى من ان يضحك عليه ، وعلى الجانب الاخر الثوار يجب ان يوحدوا صفوفهم ويفوضوا لجنه من اهل الثقة وهم كثر والحمد لله للتشاور مع المجلس العسكري وتقديم الضمانات الكافية لاعضائه بعدم الملاحقة القانونية لأي من اعضائه قد يكون فسد في عهد مبارك ، لان في عهد مبارك الجميع فسد بدرجات إلى من رحم ربي
المصارحة والشفافية هي الحل ..........