ربيع الثورات العربية 2013:

ربيع الثورات العربية 2013:
ما أروع ربيع الثورات العربية ( بعد عامين من قيامها ) عندما تتفتح زهورها المروية بالدماء الطاهرة الذكية لشباب حملوا قلوبهم وحياتهم بين كفوفهم ليقدموها ثمنا غاليا جدا لعهد جديد مبشر بالحرية الحقيقية مبني على المبادئ السامية لحقوق الإنسان وإننا بكل فخر واعتزاز ننحني أمام عظمة التضحية والفداء للشهداء الأبرار فمن موتهم ولدت الحياة الجديدة لأغلى ربيع عربي ملطخ بأغلى دماء على وجه الأرض ,فبوركت ثورتكم أيها الأحرار لتعيد الاحترام للذات و للعيش بكرامة إنسانية حقيقية مع التساوي أمام القانون للجميع و للتمتع بنسائم الحرية العذبة لتدخل قلوبكم لتكون عامرة بالحب الواعد لغد مشرق ينشد السلم الأهلي والعالمي مبني على التسامح الديني والاجتماعي والعمل الدائم على تجديد و حماية الثورة من الأيدي الخفية التي تسعى على الدوام سرقة النصر المظفر لها ,لان أنظمة العهد القديم تعمل مثل الشجرة الكبيرة المعمرة الغارقة جذورها عميقا في الأرض تعطي ثمارها العذبة في أول عهدها و بمرور الأيام تذبل أوراقها و تتعطن ثمارها مثل انتشار الفساد الغير مسبوق على الإطلاق و بكل أشكاله القبيحة المسمم للحياة عبر دس السموم القاتلة في جميع نواحي الحياة , ولكن ثورة الشباب الأحرار تقطع هذه الشجرة وتزرع مكانها شجرة غضة مبشرة باعذب الثمار , ولكن هذه الشجرة المبشرة بالخير والعطاء ستواجه أقسى السموم من الجذور القديمة للشجرة المبتورة مثلما تواجه الثورة الفتية المؤامرات المدمرة لرموز العهد البائد الغارب من شبكات أمنية أو حزبية سرية تنشر الموت والفتنة والتفرقة علها تعود في يوم من الأيام,فيا أغلى شباب على وجه هذه الأرض مدوا لهم يد العون و حصنوا نصركم بالتسامح والعمل على التقارب الاجتماعي ليحترموا ثورتكم ولتذرعوا الأمل الواعد في قلوبهم لمستقبل مشترك مبشر بالمبادئ الأخلاقية الإنسانية ينبذ التمييز العنصري والديني لبناء حياة مشتركة كريمة مزدهرة عامرة بالحب وبالتسامح الإنساني أيضا.
وبعد مرور عامين على ربيع الثورات العربية كنا نتوقع نتائجها الواعدة المبشرة بمستقبل جديد لان الشبان الذين دفعوا من دمائهم البريئة ثمنا باهظا جدا كان يجب أن يقودوا بلدانهم لطريق الديمقراطية الحقيقية والعدالة النزيهة وللعمل على بناء دول علمانية جديدة تعتمد على تقدم شتى العلوم المتطورة وعلى الإصلاح الحقيقي لجميع القوانين البالية و الاعتماد على المبادئ الأخلاقية الدينية الغير متطرفة وعلى مبادئ حقوق الإنسان السامية ,لذلك كنا نتوقع منهم الفوز في جميع الانتخابات الوطنية وعدم ترك الراية وللسماح لبعض الأحزاب الدينية أو المتطرفة الوطنية الوصول للسلطة على أكتافهم لأنه لا مانع حقيقي لمشاركة جميع أبناء الوطن في الحكم الديمقراطي لكن كان المتوقع أن يكونوا تحت رايات الحرية للشباب الذين وضعوا قلوبهم في أيديهم وساروا على دروب الحرية الواعدة أو لنيل شرف الشهادة الغالية ,لذلك كانت المخاوف الكبيرة من بعض الدول العظمى أن تحكم العديد من الأحزاب المتطرفة أو الدينية البلاد عوضا عن شباب الثورات العربية في نهاية هذه الثورات فعمدت بعض الدول العظمى إلى معارضة أي تغيير في العديد من الأنظمة الوطنية السابقة المتعاونة أو المستفيدة منها حتى البعض من هذه الدول لم تدين المذابح الغير إنسانية لربيع الثورات العربية التي تدفع من الدماء الذكية والطاهرة من دماء الأطفال الأبرياء و من الدماء الغالية من الناس العزل الذين لم يحملوا أية أسلحة ضد دولهم بل كانوا يطالبون بالتغيير السلمي الديمقراطي لدولهم بطرق مشروعة دوليا ,بل انعكس تأثير مواقف بعض الدول العظمى سلبا على العديد من الثورات العربية مما أعطى الضوء الأخضر لمزيد من سفك دماء الأبرياء ولإطالة الصراع الدامي لهذه الثورات مما زاد عدد الضحايا الأبرياء بشكل اكبر و مما زاد الخراب أيضا في العديد من المدن والقرى الثائرة مما يوحي بصمت الضمير الإنساني العالمي لبعض الدول العظمى ,فيجب أن نعترف إن العديد من الدول العظمى عارضت و أدانت بشدة كبيرة و بقوة و أمام الرأي العالمي المذابح الغير إنسانية لربيع الثورات العربية بينما بعض الدول العظمى لم تدين هذه المذابح الغير إنسانية الوحشية البربرية و التي تحدث كل يوم وأمام عيونهم مما تترجم الصمت الدولي الغير مقبول على هذه الجرائم التي تعتبر بحق كبير أنها جرائم ضد الإنسانية , فكيف سيعترف العالم بالمجازر الوحشية البربرية الغير إنسانية والتي حدثت في الماضي كالمجازر التي وقعت على الشعب الارمني ( المذابح الارمنية ) في عام 1915 والعالم اليوم لم يعترف أو حتى يدين العديد من المجازر التي تحدث أمام عيون جميع شعوب العالم و بلا استثناء و هو يصمت و دون تحرك لمحكمة الجزاء الدولية لوضع الأيدي الآثمة الملطخة بدماء الأبرياء تحت العدالة الدولية !!!!.
يجب الآخذ بعين الاعتبار بعض النقاط الهامة التي تتعلق بربيع الثورات العربية :
1.إن استمرار الصراع الدامي لفترة طويلة للعديد من الثورات العربية سيدفع الثورات السلمية لان تصبح دموية مما يهدد بحرب (داخلية) أهلية طويلة المدى تدمر جميع الأطراف و تزرع الكره الطائفي و تزيد البلاد فقرا و خرابا وتدمر الاقتصاد الوطني الذي قد يحتاج لسنوات عديدة ليتعافى بعد انقضاء هذه الثورات .
2. إن العديد من الثورات تنجح ظاهريا بينما عمليا تستمر العديد من الشبكات الأمنية أو الحزبية المرتبطة بالأنظمة السابقة التي لم تتغير بالعمل سرا كمن يغير إطار لوحة قديمة بإطار جديد فقط أي تغيير في الظاهر دون تغيير قي الجوهر مما يسبب عدم النجاح الحقيقي لهذه الثورات .
3. إن كل من يعمل في مجال الطب الإنساني تحت أية صفة طبية ويجهز على جريحا مصابا أو من ضحايا ربيع الثورات العربية طلب العون الطبي هو مجرم بكل الكلمة من معنى ويستحق أن يعامل كمجرم حرب تحت القوانين الدولية لمحكمة الجزاء الدولية لأنه حنث بقسم أبي قراط وخان القسم باسم الله العظيم القدير الذي قسمه بان يحافظ على شرف المهنة الطبية وقدسية هدفها .
4. إن منظمات حقوق الإنسان الدولية قد لا تحمي بريئا من الإعدام أو قد لا تستطيع التأثير على الدول لتغيير قرار خاطئ فهي بحاجة ماسة لتدعيم مواقفها لتكون مسموعة وليكون لها تأثيرا دوليا في مجلس الأمن الدولي لها حق النقض الفيتو تعمل تحت راية مجلس حقوق الإنسان مباشرة يمثل صوتها في الأمم المتحدة الأمين العام للأمم المتحدة أو رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة لتكون قادرة على تصحيح القرارات الدولية عند الضرورة القصوى .
5. يجب عدم تخوين أي مواطن حر قد لا ينتمي لأي جهة حزبية أو أمنية ويجب الحرص على مشاركته في العمل عند الدولة دون تمييز عنصري ,حتى أن أي مواطن ينتمي لأي جهة في الدولة يجب أن لا يتبع مع دولته لأي جهة غربية أو شرقية بل ينتمي لدولته الخاصة فقط لان تبعيته أيضا لأي معسكر خارج حدوده هو خائن لوطنه أيضا .
6. . إن القتل تحت التعذيب لأي طفل برئ أو لأي مواطن اعزل لا يحمل سلاحا ضد دولته يطالب بتغيير سلمي دون أن يمس الدولة بأي سوء هي جرائم ضد الإنسانية لا تغتفر و يجب وضع الجناة فورا تحت العدالة الدولية لمحكمة الجزاء الدولية دون أي تردد.
7. يجب حماية المدن الثائرة تحت القوانين الدولية المشروعة ويجب الإفراج عن جميع المعتقلين اصطحاب الرأي المغاير الذين لم يحملوا أية أسلحة ضد الدولة أو الذين لم يمسوا الدولة بأي سوء دون قيد أو شرط وتعتبر الدولة مسئولة عن حياتهم أمام المجتمع الدولي.
8. إن الآمن والجيش الذي يقتل المتظاهرين السلميين الذين لا يحملون السلاح ضد الدولة بل الذين يحملون أغصان الزيتون يلوث هذا الأمن والجيش أيديه بدماء الأبرياء ولن ينتصر جيش في العالم يقتل شعبه, بل على الجيش أن يكون حياديا يحمي الأطفال الأبرياء والناس العزل ليحافظ على شرفه العسكري المقدس و يجب وضع الأيدي التي لوثت بدماء الأبرياء من الأطفال أو الناس العزل تحت القوانين الدولية ويجب مطالبة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن يحول جميع الملفات التي تحمل طابع الجرائم ضد الإنسانية لمجلس الآمن الدولي ليحوله على الفور لمحكمة الجزاء الدولية وللعمل دوليا على وقف القتل الغير إنساني لأبرياء وضحايا ربيع الثورات العربية فورا و بدون أي تردد .
9. إن عدم ازدهار ربيع الثورات العربية و الفشل الحاصل في العديد من البلدان التي قامت فيها هذه الثورات و التي اوحت أنها كانت ستبشر بالخير والتقدم نحو أنظمة ديمقراطية تتمتع بقدر كبير من الحريات في جميع نواحي الحياة محترمة مبادئ حقوق الإنسان ,لكن حصول الاستفراد في السلطة مع حرمان الآخرين من المشاركة فيها أجهض هذه الثورات في مهدها بسبب عدم الإدراك الحقيقي أن إلغاء دور الآخرين للمشاركة الفعلية في السلطة يعيد إشعال هذه الثورات من جديد بشكل اعنف كمن يقف على فوهة بركان ثائر فيفقد المصداقية الحقيقية ويضع البلاد في مهب الرياح العاتية التي تضرب بلا رحمة من يقف أمامها لان إلغاء دور الآخرين يجر البلاد لحروب أهلية عرقية وطائفية مدمرة لخيرات و ثروات هذه البلاد و يسمح بشكل كبير للتدخل الخارجي الطامع لدور اكبر مما يزيد من الفرقة بين أبناء الشعب الواحد لان الحل الأمثل هو:
1. التشارك( المشاركة لجميع أطياف الشعب العرقية و الدينية و الحزبية بلا استثناء ) الحقيقي في السلطة الذي يسعى لوضع دستور جديد للبلاد يرضي جميع الأطراف بدون تمييز عنصري عرقي ليساهم في عيش مشترك جديد واقعي لا يلغي دور الآخرين لان الاستفراد في السلطة بعد قيام ربيع الثورات العربية هو الآتون بعينه الذي يحرق البلاد و يزيد الكره في نفوس العباد ليزرع الدمار و الخراب وعدم الاستقرار لزمن طويل يرهق الاقتصاد الوطني مبشرا بالدخول في دوامة عصر انحطاط لهذه البلاد قد لا تخرج منها لسنوات عديدة .
2. الاعتماد على مبادئ حقوق الإنسان التي تتبنى المبادئ الأخلاقية الإنسانية التي لا تتعارض مع أي سلطة سياسية أو دينية حاكمة والتي تضع الحلول السحرية للعديد من المشاكل التي يصعب حلها و التي ترضي جميع الأطراف مما يسمح للعمل المشترك بين الدولة والشعب لوضع الحلول السلمية لمحاربة الفساد أو للتغيير السلمي للقوانين عبر الحوار البناء المشترك بين الطرفين.
3. مطالبة جميع منظمات حقوق الإنسان العالمية و بأعلى صوت على وجه الأرض و بشكل فوري و بالضمير الإنساني الحي لتشكيل رأي عام عالمي صارم جدا للعمل مع جميع مكاتب الأمم المتحدة و مع مجلس الأمن الدولي والدول العظمى للقيام على حماية ثورات الشعوب الضعيفة الثائرة بشكل سلمي أمام آلة القتل الوحشية الذي يستخدمها الطغاة ضد شعوبهم ( الحكام في ظل الثورات العربية أو الحكام الذين استفردوا في السلطة بعد انتصار هذه الثورات) لتسجيل كل الحقائق بصدق تام رغم مرارة مشاهدها لتكون الدليل القطعي الفوري في محكمة الجزاء الدولية عند أدانتهم لانتهاك حقوق الإنسان الصارخ لاعتبارها جرائم حرب إنسانية وإبادة جماعية غير أخلاقية لأنه عندما يتجه السلاح الوطني لإبادة الشعب الوطني الأعزل المطالب بالإصلاح ضد الفساد والعيش بكرامة وليس ضد الأعداء المشروع قتالهم لحماية الوطن عندئذ يفقد الطاغي شرعيته المحلية و الدولية ويفقد السلاح مصداقيته ,فيجب الضغط الدولي بأقصى درجاته لوقف المجازر الوحشية ولحماية الأبرياء العزل ولحفظ الحقوق الإنسانية للشهداء و لوضع أيدي الطغاة الملوثة بدماء الأحرار الذكية تحت القوانين الدولية للأمم المتحدة لفتح تحقيق فوري وعاجل في محكمة الجزاء الدولية الخاصة بالمجازر المحلية للحكام الطغاة ليعرفوا أنهم ليسوا فوق القوانين الدولية وان الدول الذين يحكمونها ليست ملكا لهم بل هم مؤتمنون عليها وان الاستفراد في السلطة قد يغذي الغرور القاتل الذي يدمر الضمير الحي الذين يحكمون به وان الحامي الحقيقي لهم فقط سلامة وامن شعوبهم الذين ينعمون بالحرية والكرامة والعدل والمساواة مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وان عهدا جديدا للحضارة الإنسانية بدا يكتب تاريخه من الثورة الثالثة الحديثة العلمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للتاريخ وان الثورات المرافقة لها قد تطال أية دولة على وجه الأرض بلا استثناء لرياح التغيير السلمي لمستقبل واعد مبشر بالحرية وبالكرامة وبالاحترام لان الصدور أصبحت عامرة بالغضب الجارف وبالحقد المدمر من قسوة الظلم ومن شدة الفقر و من مرارة القهر ومن لذع الجوع وباتت الإرادة للحياة اقوي من أي سلاح على الأرض في أيدي الطغاة وأصبح نبض الحرية أقوى من الخوف من الموت ولا يستطيع احد في الوجود وقف هبوب الرياح للتغيير أو وقف ثورات الشعوب الطامحة للحرية أو الاستفراد بالسلطة ( سياسية أو دينية ) أو التحكم بالقوة أو بالقهر بأقدار الأحرار المبشر بالمستقبل المشرق المشرف المبني على قوانين الشرعية الدولية والمبادئ الأخلاقية لحقوق الإنسان لأنه من المستحيل إعادة الزمن للوراء لقيام دول عرقية أو دينية أو عنصرية أو كبح استجابات القدر للاستفراد بالسلطة ورحم الله أبي القاسم الشابي لأنه حي في قلوبنا وشعره حي في عقولنا لأنه الخالد أبدا على مر العصور لأنه لا بد أن يستجيب القدر لبناء دولا علمانية مبنية على المبادئ الأخلاقية لحقوق الإنسان تتمتع بالديمقراطية الحقيقية ونسائم الحرية العذبة لبناء مجتمع يشعر جميع أبناءه بالكرامة والاحترام للذات مع عدم تمييز عنصري مع التساوي أمام القوانين المحلية ليدركوا المعنى الحقيقي لإنسانيتهم .
السلام والصحة لكم ولجميع شعوب الأرض
مع تحيات الدكتور أنطوان فؤاد صايغ .