بقلم- طارق الغزالي حرب:
منذ حوالى شهرين، شاهدت، بالمصادفة، برنامجاً تليفزيونياً من تلك البرامج الحوارية، التى تنطلق كل مساء على العديد من الشاشات- وأظن أنه كان على قناة مصرية رسمية- يناقش فيه الضيوف موضوعاً، كان حينئذٍ مثار نقاش وجدال، وهو موضوع تفعيل قانون ''الغدر'' القديم أو ''العزل'' الحديث على من كانوا متورطين فى العمل بإخلاص وتفانٍ لخدمة النظام الساقط الفاسد ولا أقول العمل معه. كان ضمن ضيوف هذا البرنامج أ. د. محمد حسن الحفناوى الذى كان أحد قيادات الحزب الحاكم الذى تم حله وحرق مقاره، حيث كان يشغل منصب أمين المهنيين بالحزب، وحاول وهو فى موقعه أن يأخذ جانب ما كان يُسمى ''جماعة الإصلاحيين بالحزب''، وإن كان هذا لم يمنعه من التسليم بوراثة جمال مبارك حكم مصر، كقدر لا فكاك منه.
المهم أن الرجل المحترم الذى أقدره على المستوى الشخصى قال يومها كلاماً هادئاً رزيناً، وعلى الرغم من اعتراضه على سياسة العزل السياسى لكل من كان مشاركاً بصورة أو بأخرى فى النظام الساقط، فإنه قال وقتها قولا أعجبنى مازلت أذكره إلى اليوم، فى صورة نصيحة وجهها إلى كل من كانوا فى صدارة المشهد السياسى أيام الرئيس المخلوع، وصمتوا عن الجهر بالحق أمامه خوفاً وطمعاً، بأن عليهم ألا يُشاركوا من تلقاء أنفسهم فى أى انتخابات فى المرحلة الحالية، من باب الملاءمة السياسية والأخلاقية، وقال بالحرف الواحد: ''عليهم أن يأخذوا لهم جنب''.. بمعنى آخر إفساح الطريق للآخرين الذين تحملوا بشجاعة وصدق وبسالة عبء مواجهة العصابة التى كانت تحكم، ولم يكونوا يوماً خدماً لهم ولا أحذية فى أقدامهم كآخرين، ودفعوا من أجل إصرارهم وإيمانهم بأحقية وطنهم فى حياة حرة كريمة- ثمناً غالياً.
تذكرت عبارة الأخ الفاضل د. الحفناوى هذه الأيام، وأنا أتابع نشاطات الفريق شفيق ومؤتمراته وأقواله، وما يقوم به من حشد إعلامى وتنظيمى من أجل الوصول إلى منصب رئيس الجمهورية. من أغرب ما قاله فى الفترة الأخيرة هو تعليقه على رأى للدكتور البرادعى عن مسألة ترشيح السيد شفيق للرئاسة، فقال- لا فض الله فاه- موجهاً كلامه له مانصه ''خليك فى حالك''- حسب ما جاء بالصحف.. وقيل أيضاً إنه هدد بأن يكشف للرأى العام ما تحت يديه من وثائق ومعلومات خطيرة تمس الرجل المُلهم للثوار!
أما عن أغرب أفعاله، فهو ما حدث بعدما واجه الموقف الشعبى الذى اتخذه الآلاف من مواطنى حى إمبابة تجاهه، عندما حاول بعض أذناب الحزب الوطنى المُنحل ترتيب لقاء جماهيرى له مع أهل الحى، فسمع بأذنيه هتافات الأهالى ضده ومنها: ''إمبابة قالت كلمتها.. شفيق...'' هو يعرف الباقى!
وكيف رمى عليه الشباب الواعى ''البونبونى'' ليذكروه بوعده عندما عينه الطاغية المخلوع رئيساً للوزراء بأن يسمح لشباب الثوار بالبقاء فى الميدان وأنه فوق ذلك سيُحضر لهم بونبونى، فى الوقت الذى كان ينتظر فيه- ضمن المُنتظرين- نتائج ''موقعة الجمل والجحش'' التى رتب لها مجرمو النظام السابق بتواطؤ مع جميع المسؤولين الأغبياء الآملين فى بث الرعب فى قلوب الثوار وترك الميدان حينئذٍ .. المهم أن رد فعل السيد شفيق بعد موقعة إمبابة هذه هو إبلاغ وسائل الإعلام بنشر خبر عن حضور وفد من أهل إمبابة إلى بيته للاعتذار وطلب مُعاودة الزيارة لعل وعسى يتغير موقف مواطنى إمبابة بفعل ''الكاريزما'' التى يشعر بأنه يتمتع بها!
لقد ردد الرجل فى أكثر من مناسبة أنه لم يكن ينوى الترشح للرئاسة، لولا طلبات ومناشدات الآلاف من المواطنين، وعلى رأسهم شخصيات مهمة وكبيرة، وحدد صاحب ''الكاريزما'' أسماء بعينها سعت إليه لتقنعه بالترشح للمنصب من ضمن شِيعته أيضاً تلك الطبيبة السابقة التى فرضت نفسها على الوسط الثقافى والفنى بفضل نجومية زوجها، ظهرت مؤخراً فى أحد البرامج التليفزيونية تنتقد فيه ماكتبه د. البرادعى على صفحته من أن اختيار شفيق، وهو أحد فلول نظام مبارك، رئيساً للجمهورية يٌعتبر شهادة وفاة للثورة، فقالت ضمن ما تقيأت به: ''إنها تقبل شفيق لتمتعه بخلفية عسكرية تُعتبر تاجاً على رؤوس الجميع، وأنها تقبل فلول مصرى وليس فلول أمريكانى مثل د. البرادعى''! أعرف أن هذا كلام لايستحق عناء الرد عليه،.
أما حديثك عن القامة المصرية العظيمة التى يفتخر بها المصريون جميعاً كمُلهم لثورتهم العظيمة ويحترمه العالم أجمع، بوصفه بأنه ''فلول أمريكانى'' فلا يعادله شىء فى سخفه، سوى ما أسمعه دائماً عندما يُذكر اسمك فى أى مجتمع! نصيحة لوجه الله للسيد شفيق ومن يتشيعون له: خدوا لكم جنب أحسن لكم ولنا!
رأي المدون :
لقد شاءت الاقدار أن أخدم في القوات المسلحه كجندي في الفتره من عام 1968 حتى عام 1974 كجندي إحتياطي ( مؤهلات عليا ) في خدمة وطني ولقد خرجت من هذه التجربه بخبرات كثيره ...
في هذه الفتره صادفت أنواع كثيره من البشر من كل الأصناف والألوان وخاصه الكوادر العسكريه وعلمتني التجربه كيفية التعامل مع كل نوع من هذه الأنواع والحكم على شخصياتهم وإمكانية تحليلها وخاصه بعد ان وصل سني الأن إلى 65 عاما.
وبعد عدة مشاهدات للفريق شفيق على شاشات الفضائيات وردود أفعاله على المداخلات معه أستطيع أن أقول إنني قد قابلت مثله كثيرا في القوات المسلحه.
وأستطيع أن أحدد شخصيته على النحو الآتي:
1- العسكريه الصارمه :
في حديث الفريق شفيق أ / عمرو أديب على قناة أوربت فلت من لسانه جملة ( القبضه الحديديه ) حول حديثه عن الإداره وكيفية إدارة الأعمال وهذا الأسلوب هو الذي توصف به الأنظمة الدكتاتوريه ومن أمثلتها القائد العسكري الألماني هتلر .
ثم تراجع عن قوله عندما أحس إنه قد أخطأ في كشف نواياه أمام الجمهور قائلا أقصد الهيكل الإداري أن يكون حديديا ...!
ثم إستطرد بعد ذلك في حديثه عن ترشيح العسكريين لرئاسة الجمهوريه قائلا من ذا الذي يستطيع أن يمنع عسكري من الترشح للرئاسه كاشفا ديكتاتوريه في الرآي فرد عليه الإعلامي اللامع عمرو أديب ( الشعب ) فبهت الذي كذب وسكت.
2- الطاووسيه والنرجسيه :
هناك فرق ما بين الإعتزاز بالرآي وما بين النرجسيه فقد يصل المغرور بنفسه إلى مرحله خطيره من الدكتاتوريه عندما تصل درجة ثقته بأراءه إلى هذه المرحله من النرجسيه والتي يسد كل الآذان للأراء الأخرى ولا تجد لها أي منفذ لديه .
وعندما يحقق أي إنسان أي نجاح فمن الصحيح أن لا يطنطن به أمام كل الناس بل أن الصحيح أن يترك الناس هي التي تقيمه وتتحدث عنه بالسلب أو الإيجاب وهنا تكمن خطورة الطاووسيه والتي قد تدفع صاحبها إلى الكذب والضحك على الناس مثلما حدث في موقعة الجمل عندما قال ( إنه لا يعلم ) والدليل على عدم صحة ذلك إنه لم يقدم إستقالته فوراً .
3- الضيق بالرآي الأخر :
شاهدت حديث يسري فوده في برنامجه مع الفريق شفيق والدكتور علاء الأسواني وقد ساعدت الأحداث في حينه أن يكون هذا الحديث ساخنا ولم يستطيع الفريق شفيق أن يحافظ على أعصابه بالقدر الكافي لمرور الحلقه بسلام بل إستخدم أخيرا المشادات التي تحدث في خناقات أولاد البلد عندما تطاول على الدكتور علاء الأسواني بالقول ( أين كنت عندما كنا نحارب العدو الإسرائيلي ) وذلك لمحاولة التسفيه من رأيه بدلا من أن يقارعه الحجه بالأخرى . مما دفع الآخر ان يقابله بنفس الإسلوب المتدني وإشتعلت الحلقه .
وقد يلجأ دائما إلى نفس الأسلوب عندما يفشل في إقناع الطرف الأخر برأيه فقال في حلقة عمرو أديب ( إنت ما تفتكرش الكلام ده لأنك كنت لسه صغير ) حيث لجأ إلى تحقير الطرف الآخر لمحاولة إقناعه . ومن المعروف أن فرق السن في أي مناقشه ليس هو أسلوب الإقناع المثالي .
نخرج من التحليل السابق بالآتي :
لقد مل الشعب المصري من الأسلوب العسكري على مر 60 عاما وحصد نتائج مره في إقتصاده وحياة أبناءه ومستقبله. ويرغب الشعب المصري أن يغير المقررات وأن يجرب إناس آخرين قد يحقق الله الخير على أيديهم .
فهل مازال سيادة الفريق وأمثاله مصريين على أن يكرروا نفس التجربه السابقه الفاشله ويأسروا الشعب المصري لمدة 60 سنه أخرى.
فعلا صدقت يا د . طارق ( خدوا لكم جنب )
التاريخ يسجل