مصطفى النجار
Sun, 10/06/2012 - 22:33
صدمت مثل الكثيرين بعد تصريحات المستشار الزند، رئيس نادى قضاة مصر، التى نال فيها من البرلمان ونوابه إثر موجة الانتقادات الحادة التى شهدتها قبة البرلمان عقب صدور الأحكام فى قضية الرئيس المخلوع مبارك ووزير داخليته ومساعديه وابنيه.
وتذكرت مع هذه الأزمة رسالة اللوم والعتاب التى أرسلها المستشار الغريانى للبرلمان عقب بداية انعقاده، حين طالب النواب بإقالة النائب العام ووصفوا المحاكمات بالهزلية، وجاء فى رسالة الغريانى: إن من أهم ركائز الديمقراطية الفصل بين السلطات، بما يعنى التعاون بين السلطات ومراقبة كل سلطة للأخرى، ولا تصل هذه المراقبة إلى التدخل أو التداخل. إن قضاة مصر ناضلوا طوال السنوات التى سبقت ثورة 25 يناير من أجل منع السلطة التنفيذية من التدخل فى شؤون العدالة، كما حاولوا أن يكفلوا للشعب حرية الاختيار، وعندما توافرت لهم الظروف بذلوا جهدهم وقدموا انتخابات أسفرت عن وصول ممثلين لشعب مصر بشفافية ونزاهة.
إن القضاة لم يتصوروا أن يبدأ المجلس جلساته بإهدار هذا الاستقلال، خاصة أن بعض النواب وصفوا المحاكمات التى تجرى بـ«الهزلية».
إن مجلس الشعب هو المنوط به إصدار قانون السلطة القضائية، لكنه لا يختص بإدارة شؤون العدالة، ولا بالتعقيب على الأحكام التى تصدر.
وأكد الغريانى، فى رسالته لمجلس الشعب، أن القضاء المصرى، منذ نشأته وحتى اليوم، يباشر التطهير الذاتى فى سرية فرضها القانون، وطالب المجلس بأن يكون حصنا لاستقلال القضاء وليس محلا لاتهامه ووصف المحاكمات بالهزلية.
لا يمكن المقارنة بين مستوى الخطاب فى الحالتين بين الغريانى والزند، ولكن ما لا شك فيه أن هناك أزمة حقيقية الآن بين قطاعات كبيرة من القضاة - وإن لم تعبر عن غضبها بحدة - وبين البرلمان، وعلى وجه الخصوص الأكثرية الإسلامية التى تقود البرلمان.
حدثنى جار لى يعمل مستشارا بإحدى الهيئات القضائية عقب الأزمة وقال: «إننى لا أوافق أبدا على تصريحات الزند، ولكننى كقاض لا يمكن أن أقبل أبدا إهانة مؤسسة القضاء ولا قضاة مصر المحترمين بسبب الاعتراض على أحد الأحكام القضائية. إننى أتفهم حالة الغضب التى أعقبت الحكم، وأقبلها على المستوى الشعبى الذى أعذره، ولكن لا أقبل أبدا أن تهان هيبة القضاء تحت قبة البرلمان من نواب مسؤولين يشاركون فى وضع التشريعات والقوانين التى يحكم بها القضاة».
المتأمل للمشهد الحالى يلحظ أن هناك صراعاً محتدماً بين سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويحدث هذا فى فترة انتقالية بائسة ومتعثرة ضاعفت من آلام المصريين وأحزانهم تجاه ثورتهم التى لم تكتمل. خطورة هذا المشهد هو أن يفقد المواطن البسيط الثقة فى كل شىء حوله، ويكفر بكل هذه المؤسسات التى يراها تتصارع صراعا لا يجد منه فائدة تعود عليه ولا تغير من بؤس حياته اليومية.
يجب أن يتفهم القضاة نفسية الشارع المصرى ونواب البرلمان جزء منه وإحساسهم بمرارة الظلم وإهدار حقوق الشهداء وإفلات الجناة من العقاب - هو أمر لا يمكن السكوت عنه ولا الصبر عليه، وما خرج من مواقف أو تصريحات أعقبت الأحكام هو رد فعل طبيعى لكل من انتظر أحكاما رادعة تحقق القصاص العادل ولم يجد ذلك.
أما البرلمان وكذلك أنصار الثورة فيجب أن يقوموا بضبط خطابهم تجاه مؤسسة القضاء بشكل عام وعدم التعميم وإرجاع المشكلة إلى مسبباتها الأساسية التى تحكم منظومة العمل القضائى وتحتاج للتغييرعبر قانون جديد ينظم ويضمن استقلالية القضاء المصرى.
نثق فى قضاة مصر مهما حدثت بعض التعثرات، ومهما كانت هناك بعض النماذج التى لا تعبر عن أصالة القضاء المصرى، ولن نحكم على قضاة مصر من خلال بعض الأحكام التى صدمتنا، ولا من خلال بعض الأحداث التى تدخلت فيها السياسة فى عمل القضاء وكسرت من هيبته وثقة المصريين فيه.
نريد احتواء عاجلا للأزمة وعدم تصعيدها والعمل على سرعة إصدار قانون السلطة القضائية بالتوافق مع القضاة وعدم إقحام السياسة وتحزباتها فى العلاقة بين مؤسسة القضاء وأى مؤسسة أخرى. لن يكتمل التحول الديمقراطى إلا بتلاحم كل السلطات والمؤسسات كل فى مساحته وصلاحياته. أتمنى أن يعلو صوت العقل لنخرج من هذا المنعطف الخطير.
رأي المدون:
إن ما حدث من المستشار الزند في المؤتمر الصحفي في رأيي يتلخص في الآتي :
1- إن الحالة التي عليها السلطة القضائيه الأن هي نتاج ( مصر قبل الثورة ) حيث كانت الأحكام تصدر من مكان أخر غير منصة القضاء ( أحكام ديليفري )
ولابد أن تشمل الثورة أيضا هذه السلطة ولن يتأتى ذلك أبداً إلا بالإسراع بإصدار قانون السلطة القضائية . الذي يعطيها حريتها بعيداً عن الحاكم وكذلك يعطيها إحترامها الواجب أمام الشعب .
2- إن المستشار الزند في هذه الفتره بالذات قد توحي له مواقفة بالحصول على منصب هام في الحكومة الشفيقية القادمة والتي يتطلع إليها الكثير من المشتاقين حيث كان الزندواحداً منهم في ماكينه الفساد.
3- لن يحترم القضاء في نظر الناس بالتهديد والوعيد ولكن سيحترم عندما تعطي لهم حريتهم وتطلق قيوده وفي هذه الحالة فهو ليس في حاجة إلى سوبر مان.
أعود إلى فقرة هامة أعجبتني في مقالة الدكتور مصطى النجار وهي :
لا يمكن المقارنه بين مستوى الخطاب في الحالتين بين الغرياني والزند .
أعجبتني .. شير
التاريخ يسجل