السيدة منى
لقد تابعت البارحة حلقة الإعلامي عماد الدين أديب وكنت مستغربا أيما استغراب من الهالة التي حضي بها ضيفكم سواءا عند تقديمه أو عند محاورته.
كان لي إحساس أن السيدة منى الشاذلي لم تكن بنفس الشجاحة في مواجهة آراء الإعلامي عماد الدّين أديب، خاصّة فيما يتعلّق بالمواقف المصريّة التي تمت مناقشتها على غرار الجدار العازل أو واقعة الجزائر. حيث خذلتها جرءتها هذه المرّة في مواجهة إعلامي مثلها عمد طوال الحلقة على تسويق صورة جيدة لرأس النظام المصري رئيس الدولة معتبرا إياه أبرز شخصيّة مصرية على الإطلاق طوال سنة 2009 باعتباره تدخل شخصيا في معالجة العديد من المشاكل التي واجهت مصر طوال العام وذلك نظرا لتقاعس المسؤولين عن آداء واجبهم على النحو الكامل.
وردا مني على هذا الإعلامي أودّ أن أقول:
- إن غياب المسؤول الجدير في الهياكل الإداريّة المصريّة ليست مسؤوليّة هذا المسؤول بل هي مسؤوليّة رأس النظام الذي أمر بوضع هذا المسؤول غير الكفء في مكان لا يناسبه
- إن عدم قيام المسؤولين بواجباتهم راجع في أغلب اللأحيان إلى خوف هؤلاء من اتخاذ قرارات جريئة يحاسبهم عليها هذا النظام باعتبار أن وجودهم هو لتنفيذ القرارات العليا فقط دون اجتهاد
- لا يمكن بأي حال من الأحوال القول بأن القرارات السيادية المصرية لا تلقى رواجا في العالم العربي والعالمي نظرا لتقاعس المسؤولين المكلفين بتسويقها عن آداء واجبهم لأنّ القرار السليم لا يحتاج لعمليّة تسويق فهو يسوّق نفسه بنفسه
وطالما أتحدّث عن قرارات الأمن القومي المصري، أودّ أن أشير إلى التناقض الواضح الذي بدى عليه إعلاميو النظام المصري ومنهم عماد الدّين أديب.
أوّلا قضيّة الجدار العازل والعلاقات المصريّة مع غزّة:
- إن قرار بناء الجدار لم يكن قرارا مصريا سياديا فهو قرار أمريكي-صهيوني فرض على مصر بهدف الضغط عليها في فترة يحتاج فيها النظام لتأييد صهيوأمريكي لعمليّة توريث الحكم لنجل الرئيس
-إن المسؤولين المصريين لم يفشلوا في تسويق هذا القرار باعتبار أنّ هذا القرار لم يكن أصلا معدا للتسويق، فبناء الجدار كان مخططا له بشكل سري ولو لم يتم فضحه في وسائل الإعلام الصهيونيّة والأمريكيّة لما تجرّء أحد في مصر على ذكره، وأبرز دليل على ذلك الإحراج الكبير الذي واجهه المسؤولون المصريون وإعلام النظام الذين كذّبوا في البداية هكذا قرار، ثمّ تراجعوا.
-إنّ مصر ليست معنيّة بأيّ اتفاقيات دوليّة لفتح معبر رفح لأنّ تلك الإتفاقيات تهم الطرف المقابل من الجانب الفلسطيني والتعلل بالإتفاقيات هو لذرّ الرماد على العيون،
-لقد اكّدت مصر أنها ليست ملزمة بالإتفاقيات الدوليّة الموقعة بين إسرائيل وأمريكا حول تفتيش السفن بالبحر المتوسط لأنها ليست طرفا فيها في حين أنّها تلزم نفسها في إتفاقيات معبر رفح والتي أيضا هي ليست طرفا فيها (منتهى التناقض)
- إن فتح معبر رفح يمثل واجابا يفرضه القانون الدّولي باعتباره يمثل الشريان"الرسمي" الوحيد لشعب شبه أعزل تحت الحصار، وأي شعب ؟ الشعب الفلسطيني الذي يمثل امتدادا طبيعيا واجتماعيا للشعب المصري
- إن تعامل النظام المصري مع الناشطين الدوليين المناصرين للقضيّة الفلسطينيّة ولقوافل الإغاثة الدّولية ليؤكّد إلتزام مصر بالقيود الصهيو أمريكيّة،
-...
ثانيا: قضيّة موقعة الجزائر:
- كان لزاما على وسائل الإعلام المصريّة أن تكون أكثر موضوعيّة من خلال التطرّق أيضا للهجوم الذي تعرّض له المنتخب الجزائري والجماهير الجزائريّة في القاهرة والتنديد به وعدم حبك قصص خياليّة لإخراجه
-لم يتحلّى الإعلام المصري بأي روح رياضيّة خلال مقابلتي الجزائر بل اعتمد عقليّة الرّئيس بوش: " من ليس معي فهو ضدّي" دون أي مساءلة للإخطاء الذاتيّة
- حتى برنامج العاشرة مساء إنضمّ لهذا التوجّه الإعلامي في مصر حيث تم قطع مكالمة حافظ الميرازي الذي أشار في مداخلته على الهواء لضرورة تقييم ذاتي باعتبار تعرّض المنتخب والجماهير الجزائريّة لاعتداءات في القاهرة.
الخلاصة:
كثر التساءل في مصر: لمذا يكرهوننا؟ الإجابة في غاية البساطة:
إذا كانت مصر غير قادرة على لعب دورها الإستراتيجي في المنطقة باعتبار الضغوط الصهيوأمريكية عليها أو لرغبة نظامها في توريث الحكم، فعليها الإنسحاب رسميا من هذا الدّور والكف عن التشدّق بالقول أنّها حامية العروبة والإسلام، لأن من يريد أن يلعب هذا الدّور فعليه القبول بالمحاسبة والمساءلة، أمّا التمعّش والإستفادة من الدور التاريخي الذي كان لها في يوم من الأيام دون دفع مقابل لأخطائها فهذا يدخل في إطاراستغلال واستبلاه الآخر.
لذلك يكرهون نظامك يا مصر