لاشك أننا كلنا نبحث عن الحرية وعن طوق نجاة نخرج معه بأفضل المكاسب من الأزمة الحالية والتي نتمنى أن لا تجرغنا بعيدا عن الأهداف الحقيقية للشعب المصري والتي ظهرت من اليوم الأول والتي مات عليها شهداء الثورة والتي من أجلها ساند الشعب كله الثورة فلم تكن الثورة لفئة ولا لطائفة ولا لمنفعة وإنما كانت بهدف الإصلاح.
وكما ذكرت في موضوع آخر حول آراء البعض عن النجاح وعن الفشل وعن ما تحقق وما لم يتحقق فإن هناك اختلافات واضحة في آراء البعض كل فريق يرى حسب أهدافه ويرى من نظارته الشخصية للأمور.
والآن وبعد أن أعلنت الاقتراحات المبدئية للدستور والتي شملت موادا ربما لم يكن في ذهن أحد من الأيام أن يرها أو أن تخرج إلى النور وهي حسبما فهمت شروط اختيار رئيس الجمهورية والتي أعلت من شأن المواطن المصري والذي لا يساوم على جنسيته فأفردت بذلك المواطن المصري في الاختيار وأبعدت صاحب الجنسية المزدوجة والمتزوج من أجنبية وابن الأجنبي أو الأجنبية لتعلن بكل وضوح إعلاءا لشأن المصرية والتي عانينا من إهمالها كثيرا وكيف كان المصري يتكلم عن نفسه محاولا أن يلفت نظر الآخرين عن هذا الأمر وليس في هذا عنصرية فلا أظن مثلا أن مواطنا يحمل الجنسية الأمريكية (( رغم صلاحه وعلمه )) مثل الدكتور زويل يكون مرشحا للرئاسة ولا مواطنا يحمل الجنسية الأمريكية (( مثل الدكتور البرادعي )) أو الإنجليزية (( مثل جمال مبارك )) أن يكون رئيسا للبلاد وكيف سيكون ولاؤه لو حدث خلاف أو تعارض للمصالح بين البلدين وقد اختلطت علينا المشاعر عندما فاز الدكتور زويل بجائزة نوبل ثم فوجئنا بتقدمته بالدكتور الأمريكي أحمد زويل.
ثم كانت شروط قبول الترشيح والتي كانت من قبل معجزة ومستحيلة واليوم صارت حسب ما أظن ميسرة ويمكن الوصول إليها ببساطة لمن يسعى للرئاسة.
ثم كان التحول الرهيب حول مجلس الشعب وعضويته وإسقاط العضوية فيكون ذلك للمحكمة وليس للمجلس وبالتالي أمكن إسقاط العضوية طالما كان الطعن مقبولا ولم تعد العضوية ملكا للمجلس والذي لم يجرؤ على فصل عضو واحد من الأغلبية طالما كان تحت الوصاية الحزبية.
وكان قانون الطوارئ وإلغاؤه والاستفتاء عليه شعبيا أحد أهم الاقتراحات والذي عطل الحياة السياسية كثيرا في الماضي ونأمل في انفتاحها قريبا جدا إن شاء الله.
ثم جاءت صلاحيات تعديل وإلغاء الدستور والتي لم لا أدري حتى الآن سوى أنها تخالف رأي السيدة المستشارة تهاني الجبالي والتي تطوف القنوات الفضائية لتطالب برأيها فقط وتغلق الباب أمام كل المعارضين أو المتحدثين للحوار وكأنها لا تريد أن يستمع أحد آخر لغير كلامها وقد شاهدت لها بعض البرامج وهي لا تتحاور بل تريد أن تنهي الحلقات بشئ واحد وكأنه (( حكم قاضي )) وكأن الأمر ليس حوار وليس مناقشة تقابل الحجة بالحجة في سبيل إقناع المشاهد.
إن دعاوى المستشارة تهاني الجبالي اشعرتني بالإهانة كمواطن مصري فأنا بالنسبة لها لست أهلا للاختيار ولست أميز وليس عندي وعي سياسي واضح واختياراتي لمجلس الشعب لن تأتي بممثلين حقيقيين للشعب.
ثم لا أدري ما هذا الرعب الذي يسيطر على المستشارة تهاني الجبالي تجاه نتيجة الانتخابات التشريعية بأنها لن تأتي سوى بالحزب الوطني أو الإخوان المسلمين وأسألها سؤال واحد وماذا لو أراد الشعب هذا وماذا لو كانت هذه رغبة الشعب ؟؟
أليس من حق هؤلاء ممارسة الحياة السياسية ؟؟ أليسوا ممن ينعمون بالمصرية ؟؟ أم أننا تحولنا من ديكتاتورية الحزب الوطني إلى ديكتاتورية الجبالي ؟؟
إن ما فهمته من كلام السيدة المستشارة هو أنها فقط تريد هدنة لليسار المصري لجمع قوته وفلوله بعض أن تركوا أماكنهم سابقا فلم يكونوا بين الشباب ولا بين الإخوان ولا في ركب الحكومة رغم علمنا بالأزمة الشهيرة حول تعيين السيدة تهاني للقضاء وكيف كان للسيدة سوزان دور كبير في التأثير وكيف كان هذا انتصار كبير للمرأة ودورها في عصر السيدة سوزان مبارك.
من أراد أن يمارس حريته فليحترم حرية الآخرين ومن كان لديه لسان فليتذكر أن لديه أذنان ومن ظن أن الناس تحتاج وصايته فليبحث لنفسه عن وصي.
إن الشعب المصري الذي خرج في قريتي وفي مدينتي في المنصورة وفي السويس وفي الاسماعيلية وفي أسيوط وفي سوهاج وفي المنيا وفي البحيرة وفي المحلة وفي كفرالشيخ وفي بنها وفي دمياط وفي طنطا وفي كل ربوع مصر مثلما خرج الشباب في التحرير لم يخرج فقط لإرضاء الآراء السياسية للسيدة المستشارة تهاني الجبالي ولهم الحق كل الحق في أن يقولوا كلمتهم وأن يوافقوا أو يرفضوا وإن كانت السيدة المستشارة أستاذة في القانون والدستور فتبين ذلك بالحجة والبرهان وأن توضح للشعب رأيها فإن اقتنعوا بها فسوف يمشون وراءها أما إن اضاعت وقتهم بالجدال والمصطلحات التي لا طائل من ورائها والتي تجعل المواطن ربما يغلق التلفاز عندما يراها فهذا لن يعطي نتيجة إيجابية وعندها سوف تندم بالفعل السيدة المستشارة.
احترمونا أيها الجالسون في الأبراج العاجية من أساتذة الجامعات وعلماء الوطن فنحن لم نتخلص من دكتاتورية المال لنسلم أنفسنا لدكتاتورية الفلاسفة وهي أسوأ فالفاسد الغني ليس كالفاسد الفيلسوف وإن العلم بعد الثروة ليس كالثروة بعد العلم ولم يقم الشعب بثورته لينتقل من فساد إلى فساد.
دعوا الشعب يجرب ويخطئ ليتعلم الاختيارالصحيح ولابد من الفشل لنتعلم النجاح وكفانا ستين عاما من النجاح الزائف إننا بحق نريد نجاحا حقيقيا للشعب المصري لا للسياسيين المصريين وحدهم.