أتوسل إليكم: الشعب يريد بناء النظام
بقلم د. عبدالهادى مصباح ١٣/ ٣/ ٢٠١١ المصري اليوم
لا شك أن نداء «الشعب يريد إسقاط النظام» كان له من الوقع والأثر على النفس والأذن والقلب ما جعل الملايين من المصريين يرددونه كباراً وصغاراً وأطفالاً، وبالفعل سقط النظام الذى نخر سوس الفساد فى مخه وعظامه، فهو لم يكن نظاماً، بل منظومة متكاملة لإدارة شؤون العباد بالفساد، وانتصرت الثورة التى كانت نموذجاً غير مسبوق فى الإرادة والتحدى والرقى فى كل سلوكياتها وبشبابها الواعى المتعلم، الذى سار وراءه الشعب بأكمله، لكن للأسف– وأرجو أن تعذرونى لتلك المصارحة الضرورية فى هذا الوقت الحرج– فالنظام الذى سقطت شرعيته منذ سنوات عديدة مات إكلينيكياً بالتعريف العلمى والعملى للكلمة، فقد كان متكئاً على عصا مثل عصا سليمان أو منسأته التى يذكرنا بها المولى- عز وجل– فى الآية الشريفة: «فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين».
لقد أصابنا بالفعل ما أصاب الجن بعد موت سليمان، فقد تكشفت الحقائق، وانفجرت مواسير الفساد وطفحت بعد أن كان لها خط سير معين خفى بعيد عن أعين الناس، وتبارت وسائل الإعلام المختلفة– خاصة التى كانت تؤيد النظام– فى التركيز عليها لتثبت ولاءها للثورة، وأصبح الكل فاسداً ومفسداً، وبدأ هذا الشعور الذى انتاب جان سيدنا سليمان «أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين» يسرى فى نفوس المحتجين أو المطحونين الذين عانوا من الفقر والجهل والمرض والعشوائية، بحجة ضيق ذات اليد وقلة الموارد، والذين لم تكن تمر مناسبة إلا وينالون حظهم من اللوم والتأنيب والتقريع من الرئيس السابق الذى طالما وجه كلامه إليهم قائلاً: «وأنا أعملكم إيه؟ ما انتو اللى عمالين تخلفوا!» فى الوقت الذى تنهب فيه المليارات، وتوزع الأراضى والقصور، وينهب الغاز والبترول، وتزور الانتخابات، ويقهر ويسحل كل من يرفع صوته معترضاً، وأصبح من الأسهل على كل فرد أن يعتصم فى ميدان التحرير مطالباً بحقه من تلك المليارات بدلاً من العمل والعلم والجهد والمشقة.
لم يواكب هذا الانفجار فى مواسير الفساد المتعددة التى زكمت الأنوف، وصدمت الملايين فى المئات وربما الألوف، تصريف مواز وسريع وحاسم فى قرارات المجلس العسكرى الحاكم، والحكومة التى كانت قائمة، فكانت القرارات الصحيحة تأتى دائماً متأخرة، ونحن شعب تعود على أن تكون الدولة هى الأب والأم ونحن عيالها، وأن الرئيس هو الإله الفرعون، ثم ينتقل هذا السلوك الفرعونى تنازلياً إلى رجال الرئيس ثم الوزراء حتى يصل إلى أمين الشرطة والموظف البسيط فى أى مؤسسة أو مصلحة حكومية، وبناء عليه فقد شعر «ثوار ما بعد الثورة» من الفئويين بأنهم يريدون تعويض ما لبثوا فيه من عذاب مهين، خاصة مع انفراط عقد الأمن، وتجرؤ العامة والبلطجية على الشرطة التى طالما أذلتهم وأهانتهم من قبل، الكل يريد تنفيذ طلبه فوراً والآن، ولا يعنيه كيف أو من أين؟ الكل يريد إقالة رئيسه فى العمل ويتهمه بالفساد، ويريد أن يتساوى معه فى الأجر، وكأن البلد لم يعد بها إلا الخونة والفاسدون! الكل لا يريد أن يعمل حتى يحصل على ما يريد، والكل يستعرض قوته بعد هدم النظام، نسى الجميع أن الهدم سهل مهما كانت صعوبته، وأن البناء هو الأصعب والأطول وقتاً، فأنت تستطيع أن تهدم مبنى ضخما فى يوم، لكنك لا تستطيع أن تبنيه إلا بعد شهور أو ربما سنوات، ليس المهم أن تعرف كيف تضغط على بدال البنزين لكى تقود السيارة، لكن الأهم هو أن تعرف كيف ومتى تدوس على الفرامل لكى توقفها فى الوقت المناسب، إن استمرار الضغط على البنزين، بغض النظر عن سلامة المارة والطريق، لابد من أن يؤدى إلى كارثة، وهذا ما يحدث الآن.
و الشىء العاجل الذى لا يمكن تأخيره هو عودة الأمن والأمان والشرطة وسيادة القانون وتطبيقه بحسم على الجميع، والعمل بإخلاص وعلم.
أخيراً.. أرجو أن تتذكروا مقولة شيخنا العالم الجليل الراحل فضيلة الشيخ الشعراوى: «آفة الثائر من البشر أن الثائر يظل ثائراً باستمرار وهذا خطأ، لكن الثائر الحق لوجه الله يثور ليهدم الفساد.. ثم يهدأ ليبنى الأمجاد».
رأيي الشخصي من رأي الدكتور عصام النجار إذ قال ان مصر ستعلن إفلاسها خلال 3 أشهر إذا استمرت الاوضاع الاقتصاديه الحاليه ولم تتحرك عجلة الانتاج
التاريخ يسجل