عندما تقوم أي ثورة فإنها تمر بمراحل مختلفة منذ بدايتها وحتى الإتيان بالنتائج
وقد مرت الثورة المصرية من مرحلة الولادة بشكل جيد ونجح الشعب المصري في بناء ثورته بوحدة وطنية وشعبية فريدة اتحدت فيها كل قوى الشعب حتى أسقطت ( أو كادت ) النظام القديم وبدأت أول حلقة من حلقات الثورة المصرية وأول مرحلة وهي ولادة الثورة
المرحلة الثانية وهي نجاح الثورة في الإطاحة بالنظام السابق بشكل مؤقت وقد نجحت الثورة في هذا حتى الآن حيث نجحت الثورة المصرية في الإطاحة بالنظام السابق ووضع من تريد من قيادات في الصورة وإزاحة الكثير من مسئولي النظام السابق
تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة التطهير حيث أنه بعد قيام الثورات فإن الثوار غالبا يفرغون غضبهم وثورتهم في الفاسدين من رموز النظام السابق خاصة من يظهر فسادهم وهذه تعد أسوأ فترات الثورة حيث في الغالب تشهد هذه الثورة الكثير من الإشاعات وقد تشهد أخطاء وربما جرائم في محاكمة أبرياء وربما تشهد إسالة دماء سواء بحق أو غير حق
تأتي بعد ذلك أو أثناء المرحلة الثالثة مرحلة دفاع النظام السابق عن نفسه أو ما يطلق عليه اصطلاحا بالثورة المضادة من مستفيدي النظام السابق أو معارضي اتجاهات الثورة الجديدة بعد تبلور اتجاهاتها
أما المرحلة الأهم فهي مرحلة تثبيت أقدام الثورة ووضع القواعد والأصول التي تسير عليها البلاد ويتمثل هذا في إنشاء نظام دستوري سواء بالتغيير أو التعديل ثم تسليم السلطة لجهات سياسية تعمل بعد هدوء الثورة وهي كما قلنا هي أهم مراحل الثورة على الإطلاق حيث هنا يقاس مدى نجاح الثورة فعليا بمشاركة الشعب بمختلف طوائفه في الحياة السياسية بعد الثورة
وتأتي بعد ذلك مرحلة حصد مكاسب الثورة وهي المرحلة الأخيرة حيث تشهد المراحل الأولى اضطرابات في الغالب وربما خسائر اقتصادية وبشرية وغيرها مما قد يؤثر بالسلب على كل المجتمع وإن تجاوزت الثورة المراحل السابقة بنجاح فبالتأكيد سنصل إلى المرحلة الخاصة بتحقيق المكاسب
أما المرحلة الأخيرة والتي لا تنتهي فهي مرحلة الحفاظ على الثورة وعلى اشتعالها واستمرار مبادئها تعمل مع الزمن لضمان عدم الانقلاب عليها وصيانة أعمال الثورة أولا بأول وعلاج كل ما يطرأ من سلبيات على مدار الزمن
وللأسف الشديد فإن أكبر مشاكل تواجه الثورات هي تعجل الشعوب للوصول إلى مراحل المكاسب قبل المرور بالمراحل المعروفة لأي ثورة وبالتالي فيحدث تأخير في تنفيذ أي برنامج ثوري لا يلتزم أصحابه بخطوات الثورات التي بنيت على الواقع وليس على نظريات
وهذا ما نعيشه حاليا حيث يستعجل الشعب بفئاته المختلفة المكاسب دون تثبيت الثورة والوقوف في وجه الثورة المضادة وغيرها مما ذكرنا وبالتالي فربما تتعطل بعض الخطوات وليس قليلا فأعمار الأمم تقاس بعشرات ومئات السنين وليس بالشهور والأيام ، نعم التغيير يتم في أيام لكن التثبيت يتم في سنوات والتأسيس لنظام يتم في سنوات وليس في أيام وإلا فإن الجهد المبذول في صيانة النظام وعلاج سلبياته المستقبلية سيأخذ جهدا ووقتا وبالتالي تكلفة أكبر مما تستحق !!