شياطين الثورة وأحلام المصريين الضائعة
بقلم د. طارق عباس ١٧/ ٩/ ٢٠١١ المصري اليوم
بات واضحاً أن هناك من أعداء الثورة من يستميتون من أجل إجهاضها وتفريغها تماماً من الدعم الشعبى والإساءة لسمعتها داخلياً وخارجياً، بات واضحاً أن هناك من يسعى لجعل الساحة السياسية «سمك لبن تمر هندى»، بإرباك ذهن المواطن المصرى دائماً بقضايا غير مهمة، وشغله بما لا يفهم أو صرفه عما يفهم لإجهاد ذهنه بما يصله فى نهاية الأمر إلى ترك المقادير تسير كيفما شاءت وليس كما يتمنى، ومثل هذا الخلط المتعمد للأوراق يجعل عموم الناس تائهين بين اليقين والشك، بين الحق والباطل، بين أسئلة بلا إجابات وحيرة تتكاثف ظلماتها يوماً بعد يوم: من الخائن ومن الأمين؟
من النظيف ومن غير النظيف؟ من الثائر ومن البلطجى؟ من مع من ومن ضد من؟ حصيلة من المتناقضات كفيلة بحرق الآمال فى حدائق الشياطين، وهدم الثوابت وإضاعة البوصلة، وإجهاض الثورة وتحويلها فى عيون العامة إلى كابوس.
بعد الإطاحة بمبارك وأهم رموز نظامه إذا بالبلطجية يتصدرون المشهد متفنين فى تجريد الناس من إحساسهم بالأمن والأمان يتحركون بمنتهى الطلاقة والحرية وإذا بمن لعبوا أدوارا مهمة فى القبض على رموز نظام مبارك وتقديمهم للمحاكمة هم أنفسهم من تباطأوا فى القصاص ممن ظلموا الشعب وامتهنوا كرامته ومرمغوا بمكانته وسمعته فى التراب، وأخشى ما أخشاه أن يُسدَل ستار تلك المحاكمات ببراءة هؤلاء المتورطين فى جرائم واضحة للعيان، ويتم الإعلان عن أن الشعب المصرى هو الذى كان متهماً، إذا بالدكتور عصام شرف يرتدى عباءة أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، وسياسات وزرائه هى نفسها سياسات وزراء نظيف تقريباً، وحكومة الثورة تحولت بقدرة قادر لفرع من فروع الحزب الوطنى المنحل، الذى سيعود فى ثوبه القديم الجديد بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، إذا ببعض من صمتوا على التطبيع مع إسرائيل هم من يدعون لمحاربتها اليوم رغم أن مصر مفككة من الداخل تحمى نفسها بالكاد فكيف يمكنها مواجهة أعتى أعدائها؟،
سيناريوهات غير واضحة ودروس مكررة لا يستفيد منها أحد، مطالبات بانتخابات برلمانية قادمة تكون نزيهة فى بيئة يرتع فيها الفساد والإفساد والخوف، متغيرات فى الأحداث يقابلها استهتار بقيمة الوقت، صراعات بين جميع القوى السياسية على ثمار لم يأت أوان قطافها بعد، دعوات تُلِح فى إلغاء قانون الطوارئ وفوضى تحتاج فى مواجهتها ليد من حديد، رفض تام لغياب الأمن وانسحاب الشرطة من الشارع واعتراض على نزولها واستعمالها القوة والحزم ضد المنفلتين.
تحولات وتبدلات تصيب الحكماء بالجنون، توترات وخلط غير مفهوم وفهم مغلوط وتداخلات وتناقضات ولعب بالمشاعر والعقول على كل لون وبطريقة لا يستطيع حبكتها سوى أبالسة متخصصين فى الهدم والحفاظ على الأنظمة الفاشية المستبدة، حكى لى والدى–رحمه الله - أن صياداً خرج فى إحدى ليالى الشتاء القارس فى منتصف الليل رغبةً فى أن يصطاد ما يقتات به، وبينما هو مشغول بعملية الصيد هذه وقعت عيناه على كائن يجلس إلى جواره له سيقان كسيقان الماعز كاد يغشى عليه من هول ما رأى، وأمام رغبته فى أن ينفد بجلده من هذا الكائن المرعب انطلق كالصاروخ بحثاً عن ملاذ آمن، وأثناء عملية الجرى يقابله فجأةً رجل تبدو على وجهه ملامح الطيبة معطر مهندم يرتدى جلباباً ناصع البياض طويل اللحية وفى يده مسبحة،
وبمجرد أن رآه الصياد التقط أنفاسه وأحس بالاطمئنان ثم ارتمى فى أحضانه مستنجداً به وهو يقول: أغثنى أدركنى يا عم الشيخ وبلا تردد يربت الشيخ بيده على كتف الصياد ويقول له: اطمئن يا أخى واهدأ، ولا تخف أنا سأحميك، لكن احك لى ما جرى لك أولاً حتى أعرف كيف سأتصرف، هنا يبدأ الصياد فى الحكاية، وبمجرد أن أخبره بأنه رأى رجلاً سيقانه مثل سيقان الماعز، حتى رفع الشيخ الجلباب وكشف عن ساقيه الشيطانية وهو يضحك ساخراً متسائلاً: مثل هذه؟!
فمات الصياد فى الحال، ونعوذ بالله من أن تموت مصر أو تموت الثورة، ونعوذ بالله من كل شيطان يرتدى ثوب الملائكة، ومقصوده الإطاحة بحلم المصريين لمصلحته الضيقة الخاصة، قولوا معى آمين
رأي المدون :
إذا كان المقصود من وضع الشعب المصري في الحالة التي نحن عليها الأن لكي يصل في نهاية الأمر إلى ترك المقادير تسير كيفما شاءت وليست كما يتمنى فإن هذا هو عين الخطأ .
وسنجد أنفسنا مرغمين أمام ديكتاتور أخر ( مبارك بشرطة ) لكي يحسم هذه الفوضى ويخرج بنا من الدوامة التي نعيش فيها.
هل هذا هو المقصود ؟
هل هذه هي الخطة ؟
إذن الرد فلتذهبوا إلى الجحيم ولن يترككم الشعب تفعلوا به أسوأ مما فعل مبارك.
إتقوا الله .. وسلموا السلطة إلى الشعب وأخرجوا منها أمنين
التاريخ يسجل