كلما قرب موعد انتخابات الرئاسة كلما زادت الاوضاع في مصر تخبط وعشوائية وغرقت مصر اكثر في النفق المظلم الذي دخلته مصر بعد استفتاء 19 مارس ، الازمات تزداد ، ازمة وقود وغلاء اسعار واضرابات واعتصامات فئوية في كل قطاع، وانفلات امني يزداد يوما بعد يوم ، واحتياطي نقدي ينفذ ، ومستقبل مصر غامض لا احد يعرف الى اين تسير مصر ، حتى القائمين على حكم مصر سواء المجلس العسكري او الاخوان المسلمين ليست لديهم خطة لتسليم السلطة بالطريقة التي يريدونها حتى لو كانت ضد ارادة الشعب المصري ، وكلاهما يمسك بالعصا من المنتصف في انتظار ان يحدث شيء ما يغير من موازين القوى .
لم تعد العلاقة بين الاخوان والمجلس العسكري علاقة صفقات كما كانت منذ قيام الثورة ، والسبب بسيط جدا هو ان قوة المجلس العسكري على الارض ازدادت بسبب توقف المليونيات الثورية بعد الدعوات الفاشلة من القوى الثورية للاضراب والتي كان فشلها سبب رئيسي في احباط شباب الثورة وخصوصا ان المجلس العسكري بإعلامه الحكومي والعكاشي والدرديري نجح الى حد كبير في تشوية الثورة لدى الشارع المصري وحمل الثوار كذبا وبهتانا مسئولية ما تعيشه مصر من انفلات امني وغلاء اسعار ، واصبح الثوار بين ليله وضحاها عملاء لقوى اجنبية تريد تقسيم مصر بل اصبحوا ملاحقين قضائيا بتهمه التمويل الاجنبي .
الثوار في الميدان كانوا يزرعون ويرون الثورة بدمائهم بينما الاخوان في المجلس يحصدون ثمرات شهداء محمد محمود ومجلس الوزراء ، وازعم انه لم يكن المجلس العسكري ينتوي - ينتوي دي غير بتاعة مبارك - ان ينظم انتخابات مجلس الشعب وان المجلس العسكري خطط لاحداث محمد محمود لكي تحدث معارك بين الثوار ووزارة الداخلية يقوم على اثرها المجلس العسكري بتأجيل انتخابات مجلس الشعب ، ولكن المشير فوجئ بالملايين تهتف في ميدان التحرير بسقوطه فأضطر لعمل انتخابات مجلس شعب دون احداث شغب او بلطجة وتغاضى عن مخالفات التيار الاسلامي وبالتالي كان المستفيد هم الاخوان والتيار السلفي !!!
الموقف الان تغير لصالح المجلس العسكري ، لم يعد هناك مليونيات تهتف بسقوطه واصبح الثوار خونة ، والغرب الامريكي يؤيده حتى لو على حساب الديمقراطية تخوفا من التيار الاسلامي ، ويستطيع المجلس العسكري في اي وقت اخذ جميع المكاسب التي حققها الاخوان المسلمين ، بكل بساطة حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية انتخابات مجلس الشعب يمكن ان يصدر في اي وقت يريده المجلس العسكري ، وملف التمويل الخارجي للتيار الاسلامي من دول الخليج جاهز ، اي ان التيار الاسلامي يمكن لو اراد المجلس العسكري ان يخرج من البرلمان الى السجون .
الاخوان على الجانب الاخر تشعر بضعف موقفها الحالي وتحاول ان تلعب مع المجلس العسكري بالضغط عليه في مسألة سحب الثقة من الحكومة ، والاخوان نفسهم لايريدون تحمل مسئولية الابحار بالسفينة وخصوصا في هذا الجو الذي سيحظى فيه اي قبطان بالفشل نظرا لكثرة المشاكل ، اذن الكارت الذي يلعب به الاخوان مع المجلس العسكري هو كارت محروق ، والسؤال هنا هو لماذا لا يسدد المجلس العسكري الضربة القاضية للاخوان ؟ وخصوصا وهو يعلم جيدا انهم لا يحافظون على عهدهم وامثلة ذلك كثيرة جدا من شق الصف الثوري في الاستفتاء وتخوين الثوار ، حتى البرادعي لم ينصفوه بل على العكس وضعوا ايديهم مع مصطفى بكري ؟
الاجابة على هذا السؤال هو ان المجلس العسكري ينتظر مرشح رئاسة له شعبية يوافق على اعطاء المجلس العسكري الخروج الامن ، لو وجد هذا المرشح من خارج التيار الاسلامي لن يتردد المجلس العسكري للحظة في الاطاحة بالتيار الاسلامي وفتح ملف التمويل الخارجي لهم ، ولكنه حتى الان لايوجد مرشح رئاسة يحظى بشعبية ويوافق على منح المجلس العسكري الخروج الامن ، بل استطيع ان اقول انه لا يوجد مرشح رئاسي يمتلك شعبية حتى لو كان يرفض اعطاء المجلس العسكري الخروج الامن .
اذن الحل هو الابقاء على الاخوان تحت قبة البرلمان ربما يحتاج لهم المجلس العسكري في دعم مرشح بعينه يكون قد اجرى مع المجلس العسكري اتفاقية الخروج الامن بل والابقاء على اقتصاد الجيش ومكتسباته كما كان في النظام السابق .
مع عدم وضوح رؤية انتخابات الرئاسة سواء للمجلس العسكري او الاخوان يبقى المواطن المصري يدفع الثمن من امنه وقوت يومه ويعيش في وطن لا احد يعرف وجهة سفينته