محمود سلطان
خلال الأسبوعين الماضيين، توحدت البرامج الفضائية، بكل نجومها "الكبار".. وصحف مستقلة خرجت من رحم أجهزة مبارك الأمنية.. توحدت جميعا تحت راية "السيسي رئيسا وحده لا شريك له"!!
وتكاد تشتم بين تلابيبها بأنه "الرئيس الخاتم".. وأن الإيمان بـ"رئاسته" بات من مقتضيات الإيمان بالرسل والملائكة والكتب المنزلة واليوم الآخر.. وأنه لا يكتمل إيمان عبد مسلم إلا به.. وأن كل من يريد أن يكمل نصف دينه فيكفيه الإيمان بأن "السيسي" كان "بشارة" عيسى و"نبوءة" محمد صلى الله عليه وسلم.. وأنه منذ تجلت صورته على أبراج الكنائس وقباب المساجد، يوم 3 يوليو وباتت مصر مكتظة بـ"الرجال الحيض" وبالنساء الحبلى بنجم حبه في الفلك.. وكأنه "موسى" جاء بالآيات إلى "فرعون" مصر "محمد مرسي".
لقد استمعت من أحدهم ، وهو يقول صراحة أنه لا يوجد في مصر، من يصلح رئيسا يملأ عين السيسي، وأن الأخير لن يؤدي التحية العسكرية لـ واحد "ما يستهلش"!!
هذا الكلام صدر من "نجم" إعلامي، يقدم محاضرة يوميا على إحدى الفضائيات الشهيرة التي انتقل إليها للعمل بها مؤخرا.. وهو كلام خطير،يعني أن الشعب لم يعد هو مصدر "الشرعية" وإنما الفريق أول عبد الفتاح السيسي!!
ويعني أيضا أن فكرة الإطاحة برئيس انتخبه الشعب، ستظل أداة حاضرة وحق من حقوق السيسي حال جاء الشعب برئيس لم يعجبه ولا يملأ عينه.. ولا يستحق أن يؤدي إليه التحية العسكرية!!
شخصيات قانونية كبيرة، شغلت مناصب لها هيبتها في أرفع المحاكم والمؤسسات القضائية وسياسيون كبار، ومرشحون سابقون للرئاسة.. اجمعوا على أن البلد لا يوجد بها "رجل واحد" غير السيسي يصلح لأن يكون رئيسا لمصر!!
لتنقل إلى الوعي العام، بأن ظاهرة "الرجال الحيض"، لم تكن محض خيال شاعر بالغ في تقديره وانبهاره بشخصية السيسي، وإنما كان يقرر "حقيقة" وجود الرجال الحيض فعلا في صدارة المشهد السياسي حاليا في مصر.
ولعل ذلك لا ينفصل عن حملة "المصري اليوم" لجمع "جميلات" مصر" وتقديمهن "ملك يمين" للرجل الأوحد.. إذ ماذا يفعل النساء حال لا يجدن أمامهن إلا رجالا "حيض"؟ّ!
المدهش.. أن معارضي السيسي من الإخوان وأنصارهم، لن يجدوا أفضل من "مؤيدي" السيسي نفسه للإساءة إليه واستنزاف رصيده الشعبي يوميا .. فالمبالغات التي بلغت حد وصفه في الأهرام و"كأنه النبي محمد".. وزعت مجانيا و"دليفري" على المنازل بطاقات "الخوف" من السيسي لتتراجع شعبيته بشكل متسارع بعد أن بلغت ذروتها في الأيام التي تلت بيانه الشهير يوم 3 يوليو الماضي.
almesryoonmahmod@gmail.com