الأسباب التي أدت إلى احتضار التعليم
من كتاب إحياء التعليم للأستاذ / أحمد مراد الغزالي
(الطبعة الأولى فبراير 2006)
يألم المرء كلما نظر إلى هذه الهوة العميقة التي انحدر إليها مستوى ونظام التعليم المصري .
فهذا النظام الذي بدأ يتهاوى ويتساقط مع بداية التسعينات لاختلال السياسات المتعاقبة المستوردة لأنظمة غير متوافقة مع البيئة والواقع المصري إلى أن وصل النظام التعليمي إلى أدني مستوياته على مر العصور.
ويستغيث التعليم !
هل من منقذ ؟ هل من معين ؟
هل من حريص على مصلحة هذا البلد الأمين ؟
هل من ملبي هذا النداء ؟
هل من منجد هذا المستغيث ؟
من أجل أطفالنا , من أجل أبنائنا , من أجل تراب هذا الوطن , من أجل تقدم هذا البلد , من أجل رفعة هذه الأمة , من أجل نصرة هذا الدين , من أجل اللحاق بركب الأمم المتقدمة ومنافستها , من أجل استعادة مجد الأجداد .
وهذا لا يتحقق إلا بالتعليم المعلم , التعليم الهادف , التعليم المربى , التعليم المفيد , التعليم الجيد , التعليم المنبت , التعليم المثمر للعلماء والأدباء والمفكرين والمبدعين في كل المجالات في شتى نواحي الحياة
الأسباب التي أدت إلى احتضار التعليم
1-وحدة المنهج مع اختلاف الفروق الفردية :
هل يعقل أن طالب ذو نسبة تحصيل وذكاء 95% وأخر ذو نسبة تحصيل وذكاء 50% وثالث ذو نسبة تحصيل وذكاء 40% يدرسون نفس المنهج , نفس الفصل , نفس الشرح , نفس التقويم .
كيف ؟ ! !
2 – التقويم النهائي :
التقويم النهائي من خلال الشهادات العامة أضر بالعملية التعليمية وساهم في ضراوة اشتعال الدروس الخصوصية وكان خير راع لنظام الحفظ والتلقين في المدارس من المهد إلى اللحد .
ولا سبيل لحل ذلك إلى بالتقويم التراكمي المستمر والمتصل .
التقويم التراكمي ...... سنة الله في خلقه .
3-النظرة القاصرة المحدودة لفئة المعلمين :
علي أن فئة المعلمين تابعة لوزارة خدمية غير ربحية فهم أقل دخول
الدولة فلا يستحقون مميزات موظفي البترول ,أو العدل , أو الكهرباء , أو الاتصالات , أو البنوك , أو .....
وفى الحقيقة إن فئة المعلمين هم أكثر أبناء الوطن إنتاجا للعلماء والأدباء والمفكرين وإنتاجا أيضا لهذه الكوادر الخاصة السابق ذكرها .
فبنهضة المعلم ينهض الجميع
وبسوء المعلم يسوء الجميع .
4 – الدروس الخصوصية :
مأساة يعانى منها الغنى والفقير في هذه الدولة جعلت أولياء الأمور في جهاد مستمر متواصل من أجل توفير أجور المدرسين لتعليم أبنائهم .
وسئمت الأذان من سماع التصريحات الخلابة أن التعليم مجاني وحق لكل مواطن كالماء والهواء .
أين مجانية التعليم ؟ !
أين مجانية التعليم في ظل هذه النيران التي أتت على الأخضر واليابس ؟ !
5- انحراف المعلم عن رسالته :
انحرف المعلم عن رسالته في التربية , في التعليم , في التقويم , في نشر الفضيلة والأخلاق , في إرساء المبادئ والقيم , في تدعيم الفكر البناء ورعاية الموهبة والإبداع .
انحرف المعلم عن رسالته في أن يكون قدوة ومثل يحتذي به .
وأخذ المعلم يلهث وراء تلاميذه من أجل المادة .
6- احتضار التعليم الابتدائي :
مأساة نجنى ثمارها حن الان يفرز أجيالا لا تدرى شيئا" عن القراءة والكتابة . فما بالنا بالتكدس الرهيب في مناهج التعليم الابتدائي .
الهدف الأول للتعليم الابتدائي هو إجادة الطالب للقراءة والكتابة ومبادئ الحساب إجادة تامة .
فهي مرحلة إعدادية للطالب وليست تخصصية فهل هو متحقق ؟ !
7- نظام نجح .. نجح ...... ارفع .. ارفع :
والذي أشاع وساهم في هذه المأساة النقاط التالية :
أ- ضعاف النفوس من مدرسي الدروس الخصوصية
ب - غياب المبادئ من بعض الإداريين غير الصالحين للقيام بأعمال الامتحانات .
ج- غياب الأمن في الشهادات العامة مما يجبر الملاحظين بترك اللجان للغش الجماعي خوفا" من الاهالى خاصة في الريف والمناطق الشعبية الصعبة .
د- ربط نسبة النجاح بالجزاءات مما يبرر للمديرين والمدرسين الحجة في الغش والغش الجماعي خوفا" من التحويل للتحقيق .
كل ذلك ساهم في تدنى وانحطاط مستوى التعليم وغياب الغاية والهدف لدى الطلبة وغياب روح المنافسة .
فالكل ناجح ناجح ناجح فلا داعي للمذاكرة .
8- الحشو الزائد :
والمط والإفراط في عرض المنهج وتكدسه دون غاية من ذلك وازدحام المناهج بموضوعات تنتهي بنهاية العام الدراسي .
مما جعل الطالب يدرس الكثير ولا يدرك هذا الكثير .
9- غياب الغاية من المنهج في كل سنة وفى كل مرحلة :
ماذا أريد من الطالب أن يعرف ؟
وهل يستفيد الطالب من هذه المعرفة بعد ذلك ؟
أم هي معرفة وقتية لا قيمة لها ؟ ! هذا مهم جدا" .
المعرفة وقتية أم مستمرة يستفيد بها الطالب فيما بعد ؟
فكفانا مضيعة للوقت والجهد والفكر والمال .
وهل هذه المعرفة مواكبة للحداثة والتقدم أم هي معرفة عفا عليها الزمن ؟
10- المغالاة في طباعة الكتب :
لمصلحة من طباعة هذا الكم الهائل من الكتب !
الكتاب المدرسي له أهميته في المرحلة الابتدائية .
في حين نجد وفاة الكتاب المدرسي في المرحلتين الإعدادية والثانوية لاعتماد الطالب على مذكرات الدروس الخصوصية الموجزة البسيطة .
11- عدم جدوى المجالات :
الطالب في مرحلة غير تخصصية فما المنفعة من دراسة هذه المجالات .
وهل يستفيد منها الطالب ؟
وهل يعطيها الطالب أهمية ؟
أم هي خير وبال على الجدول الدراسي من حيث الازدحام وعدم جدواها .
: 12- المدارس التجارية:
مأساة أتت بالتعليم جاثيا" على عقبيه فهي بمثابة مسرحية عديمة الغاية والهدف من وجودها .
معظم طلابها لا يجيدون القراءة والكتابة ومبادئ الحساب , فهي لا تتعدى كونها بيئة خصبة وأرض صالحة لرعاية ومساعدة الطلبة على الانحراف .
فضلا عن تفشى وباء الدروس الخصوصية بين طلابها خاصة طالباتها دون أي استفادة وأمل مأمول, اعتقادا" خاطئا" واهما" منهم بأنها السبيل إلى النجاح .
في حين أنهم ينجحون آليا طبقا" لنظام نجح .. نجح
13- الإدارة على المدرسين وليس الطلبة :
لا يتعدى دورها الآن سوى دفتر الحضور والانصراف ومتابعة المراسلات والرد عليها خاصة في الأرياف ..
14- الجهل الثقافي والمحسوبية :
النظام التعليمي الحالي بكل سلبياته يقوى ضراوة التكالب على ما يسمى بكليات القمة وكليات القاع مما زاد من استفحال وحش الدروس الخصوصية .
كذلك المحسوبية وغياب الكفاءة كشرط لفرص العمل بالنسبة للكليات النظرية أودى بالحياة الجامعية مما أضعف روح التنافس والرغبة في التفوق فالكل يشرب من نفس الكأس ما عدي ذوي
المحسوبية
المدونة:
. http://www.ahmadmoradelghazaly.blogspot.com/