السلام عليكم,,,..كنت قد عرضت الفكرة على أن التعليم فى مصر له الدور الأساسى فى انحدار الثقافة للأجيال لسرد سلبيات النظام التعليمى فى مصر.هل أنا الوحيدة التى ترى فيه انتقاصا أم هناك من يشاركنى الرأى ؟؟؟....... وأنقل اليكم هذه المقالة التى تؤكد أن مانراه سلبيا فى العملية التعليمية هو بمثابة الدفعة الايجابية لتحقيق أغراض خاصة قد غفل عنها الكثيرين,,,,,,,,,,,,,,,,,
(( القس دانلوب وتغريب التعليم فى مصر))
ولد "دانلوب" في اسكتلندا 1860 م وتخرج من القسم اللاهوتي في إحدى كلياتها وجاء إلى مصر مبشرًا 1889 م وعين مدرسًا في مدرسة "سانت أندرو" التابعة للمجتمع التبشيري باسكتلندا بمرتب فرنكات معدودات.
وسعى لدى "كرومر" بمساعدة السير "فونكريف" وكيل الأشغال حتى عين مدرسًا للغة الإنجليزية في مدرسة المهندسخانة فالمعلمين الخديوية.
ويعد "دانلوب" واضع المخطط الأساسي لتغريب التعليم والتربية وإقصاء الإسلام عن برامج التعليم في المدرسة المصرية، باعتبار أنّ التعليم والتربية لها أكبر الأثر في مخطط التغريب والشعوبية والتبشير والاستشراق إن لم تكن هي جوهر هدف الاستعمار الأساسي.
فإنّ خلق طبقة من المتفرنجة الذين ينكرون الدين والخلق معًا (الإلحاد والإباحية) هو عمل أساسي، فعلى هؤلاء يعتمد الاستعمار مستقبلاً في تنفيذ مخططه وتكوين ركائزه التي يعتمد عليها بعد جلاء القوات المحتلة.
وقد قام "دانلوب" بدور كبير في تعميق مخطط التغريب وهدم مقومات الفكر الإسلامي وكان أبرز ما عمل له: نزع اعتقاد الشباب المسلم في القرآن وكان مذهبه (متى توارى القرآن ومدينة مكة من بلاد العرب يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في سبيل الحضارة).
وكان "دوجلاس دانلوب" قد عين سكرتيرًا عموميًا للمعارف في 8 مارس سنة 1897 ثم مستشارًا في 24 مارس سنة 1906، وقد كان في أول أمره قسًا مبشرًا عمل في وظيفة مدرس للغة الإنجليزية والخط الإفرنجي في مدرسة رأس التين الثانوية ثم لفت نظر "كرومر" فدفعه إلى العمل في نظارة المعارف فما زال يترقى بها حتى أصبح مسيطرًا سيطرة تامة على شئون التربية والتعليم.
وكانت أبرز أعمال دانلوب:
1- العمل على محاربة اللغة العربية والإسلام والأزهر، لذلك عمل على اضطهاد معلمي اللغة العربية من الأزهريين.
2- نشر لواء اللغة الإنجليزية وتأهيلها للسيطرة الكاملة على كل شئون التعليم، وبذلك أمكنه القضاء على نفوذ اللغة العربية ولقد مضى في ذلك إلى حد أنّه جعل تعليم سائر العلوم كالرياضيات والتاريخ والكيمياء والجغرافيا والرسم باللغة الإنجليزية، وضيق على اللغة العربية تضييقًا كبيرًا.
وممّا يذكر أنّه كان يسافر كل صيف إلى بريطانيا ثم يعود في أول العام الدراسي وقد استقدم معه عدًا كبيرًا من الإنجليز حملة الشهادات الأهلية الذين كانوا يعينون بمرتب لا يقل على ثلاثين جنيهًا، وقد اختارهم بنفسه وكان أبرز كتابات هؤلاء المدرسين الكراهية للغة العربية والعداء للحرية ومحاولة تحطيم آمال الأمة العربية وتغريب التلاميذ واتهام تاريخ العرب والمسلمين وإثارة الشكوك حوله واتهام الحضارة الإسلامية العربية بالاتهامات المختلفة، وذلك لخلق شعور عام بكراهية هذه الأمجاد والنفور منها والسخرية بها، وكانوا يطعنون روح الوطنية في الشباب والقضاء على حماستهم وتهديدهم، وكانوا يصفون الأمة بأنّّها نصف متحضرة وقد داسوا على كل عاطفة وطنية واضطهدوا كل شاب أظهر ميلاً أو عاطفة نحو دين أو وطن وأنشئوا نظامًا من التجسس في المدارس يطاردون به الشباب الوطني، وكان محرمًا على كل أستاذ مصري أن يتحدث عن تاريخ مصر أو تاريخ الإسلام بما يبرز عظمة أمتنا وكان أهم ما يقال إذ ذاك أن مصر بلد زراعي وأنّها ظلت محتلة طوال تاريخها بالفرس والرومان والأتراك والعرب، وأنّها لن تحكم نفسها أبدًا وأنّ جيشها قد هزم في التل الكبير وأنّ الجنود المصريين ذبحوا ليلة 14 سبتمبر 1882 م التي كانت قمرية كما يذبح الخراف.
وقد قام "دانلوب" بنشر التعليم العالي في مصر وقد سجل ذلك "كرومر" في تقريره سنة 1907 (أنّ انجلترا لا تريد نشر التعليم العالي في مصر وأنّها لا تريد إلاّ إعداد جمهور من طبقة الأفندية ليشغلوا الوظائف الثانوية في الحكومة وأنّ المصريين لا يصلحون للعلوم العالية، وأنّ زيادة التعليم تصرف عن فلاحة الأرض وتعود على مصر بالإفلاس.
وقد حرص "دانلوب" بتوجيه "كرومر" وبريطانيا على تنفيذ خطة واضحة المعالم للعمل على وقف انتشار التعليم أو ترقيته، وسبيلهم إلى ذلك تقليل اعتمادات المعارف وصرف أغلب المبالغ المعتمدة في بناء القصور المشيدة واقتناء الأثاث الفاخر للمدارس.
وكان "دانلوب" منفذ هذه السياسة يقول: "إنّ سياستي في التعليم هي الجودة لا الكثرة"!!!!! ..... وهذه مغالطة واضحة.
وكان "دانلوب" يعمل على قلب المدارس الابتدائية إلى أولية راقية اكتفاء بالمدارس الأميرية في كل مديرية، كما شجع انتشار المدارس الأجنبية وفق غايات سياسية تسير في نفس الاتجاه الاستعماري وهم بتحطيم كيان الأمة وإفساد معنوياتها.
وحرص "دانلوب" على معاملة الطلبة الوطنيين بمنتهى القسوة فعدل في 1910 م المادتين 88 و100 من قانون نظام المدارس بفرض عقوبات على التلاميذ وفصل كل تلميذ لا يحصل على 20 درجة في السلوك، واتخذ من ذلك القانون سلاحًا لخنق الشعور بالحرية.
وقد سجل مسيو "إدوار لامبير" ناظر مدرسة الحقوق في تقريره الذي نشره في جريدة (الطان 1907م) بعد أن أبعده "كرومر" و"دانلوب"، صورة الصراع بين الفرنسيين والإنجليز على المناصب الكبرى في التربية والتعليم وكشف عن الخطة التي رسمها "كرومر" ونفذها "دانلوب" في إقصاء الفرنسيين عن المناصب الكبرى في المدارس العالية وتعيين إنجليز بدلاً منهم دون أن يكونوا في مستواهم من الناحية الفنية، وأنّه قد أخرج الأساتذة الفرنسيين من القضاة من مدرسة الحقوق واستبدل بهم شبان من الإنجليز عينوا بمجرد تخرجهم من الكليات البريطانية دون أن يكون لهم أي قدر من الكفاية التي تمكنهم من دراسة القانون.
كما أشار إلى الأنظمة الاستبدادية التي اتخذها بالنسبة للطلبة وكيف عاملهم بقسوة متناهية واضطهدهم وجرح كرامتهم، ممّا أحال مدرسة الحقوق معقلاً للوطنية المصرية بحيث أصبح كل طلابها الأربعمائة تابعين للحزب الوطني.
وأنّ "كرومر" حين اضطر تحت ضغط الرأي العام إلى تعيين "سعد زغلول" ناظر للمعارف وعمل على سلب سلطته الفعلية، وأشار إلى الخطط التي كان "دانلوب" يدبرها مع نظار المدارس وكبار الموظفين للاتصال به شخصيا وتلقي أوامره وتعليماته قبل أن يكتبوا تقاريرهم الرسمية.
وقال لامبير في تقريره: "إنّ الموظف القابض على الإدارة الحقيقية لوزارة المعارف دوجلاس دانلوب".
وفي ظل هذه الفترة التي قضاها "دانلوب" في وزارة المعارف وقد امتدت إلى عام 1930 م ثم تبعه خليفة له في تنفيذ خطة التغريب الكاملة للتعليم على النحو الذي استمر يشق طريقه من بعد، وكان هدف هذا المخطط أساسًا هو تغريب ثقافتنا ومحاولة تدمير شخصيتنا العربية وإحالتها إلى مزيج مضطرب من نتف الثقافات المختلفة ومحاولة التشكيك في عظمة تراثنا الفكري وأمجادنا العربية وتاريخنا الباهر الحافل بالمواقف الخالدة في الدفاع عن الحرية والمشاركة في الحضارة والمدنية وحماية آثارها والإضافة إليها، وكان هدف التعليم أساسًا تخريج موظفين وأدوات وليس التثقيف العام.
وقد أبطل "دانلوب" عديدًا من الكتب المقررة لأنّها تتحدث عن القيم العربية الإسلامية وقد كشفت جريدة (المؤيد 25 يوليو 1899 م) عن نماذج من هذا العمل وقالت: "إنّ هذه الكتب غير موافقة لهدفه من الوجهتين الدينية والسياسية وذلك بإيرادها قواعد الإسلام وأركانه مصحوبة بالحكم والآيات والأحاديث التي تحث على حب الوطن والتعاون وإصلاح ذات البين، وفي سبيل شجب هذه الكتب أعلن دانلوب أنّ مثل هذه الكتب غير موافية لحاجات التعليم وأوعز إلى بعض المدرسين الموالين له بان يضعوا كتبًا بديلة لها تضم بعض خرافات لافونتين وفي عبارة سقيمة وأسلوب نازل". وأشارت المؤيد إلى أنّ الشيخ "حمزة فتح الله" ناضل في سبيل إحباط رأيه فأعلن "دانلوب" أنّ كتب المطالعة يجب أن تكون مجردة خالية من كل ما له مساس بالدين.
ومثل هذا حدث مع "عبد العزيز جاويش" الذي عاد من بريطانيا بعد الدراسة وقد ناقش "دانلوب" في منهج مدرسة المعلمين وكان رأيه أن يكون المنهج عامًا واحدًا، فاعترض "جاويش" وقال: "إنّ في مدرسة المعلمين في بريطانيا برنامجًا من أربع سنوات فأشار دانلوب إلى أن مدرسة المعلمين تهدف إلى تخريج مدرسين يؤدون واجبًا محدودًاا يزيد عن إعداد موظفين". كان ذلك متماشيًا مع رأي "كرومر" (عقل بريطاني ويد مصرية).
وقد واجهت مؤلفات "عبد العزيز جاويش" نفس مصير مؤلفات "علي مبارك" و"عبد الله فكري" فقد أقصيت فعلا وألفت كتب أخرى بدلاً منها تحقق هدف "دانلوب" وهدف التغريب أساسًا.
ولم يجد "دانلوب" قبولا لعمله ومخططه فقد ظلت الصحف الوطنية توالي مهاجمته، وقد تعرضت له اللواء في 9 أكتوبر سنة 1907 فقالت: "إنّ المصريين يعلمون أنّ دانلوب هو أقوى آلة وضعها اللورد كرومر لتعطيل التعليم في مصر وأكبر مقاوم لرقي البلاد، وأنّه يستعمل كل ما أوتي من سلطة وقوة لمحاربة المصريين حتى بالسطو على ذمم الموظفين معه".
وقد أبطل دانلوب عام 1888 كتاب "علي مبارك" و"عبد الله فكري" (طرق الهجاء) لأنّه يتحدث عن الفضائل الإسلامية، وكان هذا الكتاب مقررًا منذ سنوات ولكنه بمكره أعلن أن هذا الكتاب غير واف بحاجات التعليم وأوعز إلى بعض أوليائه من المدرسين أن يضع كتابًا يتفق مع المواصفات الاستعمارية، فألف الكتاب الجديد حافلاً بخرافات "لافونتين" في أسلوب سقيم وعبارات نازلة.
كما ألغى دانلوب الباب الوارد في المنهج تحت عنوان "العقائد والعبادات الإسلامية"، وناضل "الشيخ حمزة فتح الله" في سبيل إحباط رأيه فكان من قول "دانلوب" أنّ كتب المطالعة ينبغي أن تكون خالية من كل ما له مساس بالدين.
منقول عن\ لواء الشريعة
دانلوب وتغريب التعليم في مصر