إذا أردنا أن نعرف حال دولة من التقدم والتخلف وأن نعرف موقعها بين شعوب العالم علينا أن ننظر إلي حال التعليم في هذه الدولة وعلينا أن نعرف كيف ينظر الناس إلي العلم وما هو مكانته في نفوس الناس , إن مصر في هذه الأيام تمر بأزمة حقيقية لا يستطيع أن ينكرها أحد فهذه الأزمة ظاهرة للعيان ونعاني منها جميعا في ييوتنا , ألا وهي أزمة التعليم التي تحتاج إلي وقفة حازمة وجادة منا جميعا إذا أردنا بصدق أن تعود مصر إلي مكانتها الطبيعية في طليعة الأمم وفي مقدمة الشعوب , الناظر لحال مدارسنا في هذه الأيام يدرك جيدا أننا نعيش في كارثة ستأتي علي الأخضر واليابس في قادم الأيام إن لم نتكاتف من أجل حلها والقضاء عليها.
ربما يكون هذا الكلام سوداويا ولكن تلك هي الحقيقة التي لا نريد أن نراها ولا نريد أن نتعامل معها ,
واقع المدارس المصرية اليوم واقعا يدعو إلي ألأسي والحسرة فالتلاميذ والطلاب لا يذهبون إلي المدارس بغرض التعليم وإنما يذهبون من اجل قضاء أوقات للتسلية والمرح وإثارة أعصاب المدرسين التي قاربت علي الانفجار بسبب تلك النماذج السيئة من الطلاب التي أصبحت سائدة في مدارسنا , فالطابق اليوم لا يريد أن يتعلم ولا يريد أن يفهم شيئا والسبب في ذلك هو انهيار قيمة التعليم في نفوس الناس وضياع قيمة العلم في المجتمع , فالطالب بعد أن يجد ويجتهد ويتفوق في دراسته ويحصد أعلي الدرجات ماذا يكون مصيره سوي البطالة أو العمل بغير ما تعلمه تلك هي الطريقة التي يفكر بها الناس في هذه الأيام وهذه هي نظرتهم إلي التعليم أنه شيئا لافائدة منه ولا جدوي سوي أنه يقلل من الفترة التي يقضيها الشاب في الجيش فبدلا من أن يقضي الشاب 3 سنوات مجندا تنقص إلي سنتين أو سنة واحدة حسب مؤهله عالي أو متوسط , تلك هي فائدة التعليم في نظر الناس هذه الأيام وعلي هذا الأساس يتعاملون مع التعليم من منظورهم هذا علي أنه شيء لا قيمة له , ومما زاد الطين بلة تلك الظاهرة المؤسفة التي عمت مدارسنا وأصبحت قانونا حاكما لا يستطيع أأحد أن يحيد عنه وإلا أصبح شخصا منبوذا وغير مرغوب فيه وتلك الظاهرة هي ظاهرة الغش في الامتحانات . الغش وانتشاره مع انهيار قيمة العلم في نفوس الناس تسببا في ظهور أجيالا من الطلاب يحملون شهادات عليا أو متوسطة لا يجيدون القراءة ولا الكتابة , فالنسبة الغالبة من تلاميذ المرحلة الابتدائية وطلبة الدبلومات لا يجيدون القراءة ولا الكتابة , أما طلبة التعليم الثانوي العام والأزهري أصبحوا يمثلون نموذجا لتدني وانهيار الأخلاق والسفه والبلطجة , والمدرسة لا تستطيع بإدارتها ومعلميها مواجهة هذا الانحطاط الأخلاقي لأنها أصبحت مشلولة الأيدي مكبلة بالقيود التي تمنعها من مواجهة هذا السوء في الأخلاق والقيم لدي الطلاب . كل هذا الانهيار العلمي والأخلاقي والمسئولون عن التعليم مشغولون في جودة التعليم واعتماد المدارس وأي جودة وأبنائنا بهذا المستوي العلمي والأخلاقي المتدني. هذا الكلام ليس كلاما سوداويا أو مبالغا فيه وإنما هو الحقيقة التي لا نريد رؤيتها. ومن أراد أن يتحقق عليه أن ينزل إلي مدارسنا ويدرك هذا الواقع المؤلم الذي ينذر بخراب سوف يعمنا جميعا إن لم نتكاتف بصدق من أجل إعادة التعليم إلي مساره السليم ليس من خلال الجودة والاعتماد الوهميين وإنما من خلال عمل جاد مخلص , اللهم بلغت اللهم فأشهد.