أحمد الصاوى
آخر تحديث: الأحد 26 فبراير 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة - الشروق
على هامش أزمة إنجازات مبارك فى كتاب التاريخ المدرسى، تتفجر أسئلة ليست هامشية حول مناهج التاريخ التى ندرسها، وخضوعها لنظام الحكم القائم ونظرته لنفسه وللآخرين وانحيازاته وخصوماته.
هل أنت منزعج أن كتاب التاريخ المدرسى مازال يتحدث عن مبارك حتى بعد خلعه، أم أنك منزعج فقط أنه يتحدث عن إنجازاته دون سلبياته، أم لأن ما يطرحه الكتاب من إنجازات فيه قولان لأن أغلبها إنجازات من وجهة نظر عين منحازة لمبارك وليست عينا موضوعية.
أيا كان سبب انزعاجك لابد أن تعرف أن مبارك حكم هذا البلد 30 عاما، لا يليق أن تطالب بإخراجه من التاريخ، لأنك ترتكب جرما فى حق الأجيال الجديدة حين تسقط من عمر وطنهم ومجتمعهم 30 عاما، ولا يليق كذلك أن تكون دروس التاريخ بعد الثورة التى ستتناول عهد مبارك كلها هجوما وانتقادا حتى ترضى بذلك، لكن ما يجب أن تتمسك به هو أن تكون هناك معايير واضحة وعلمية لكتابة التاريخ الذى تدرسه الأجيال لا ينحاز لوجهات نظر على حساب الأخرى، يعتمد على كثير من الوثائق وقليل من التحليل، دون إسهاب فى الرأى.
لكن دعك من مبارك فقد صار ماضيا وكثير من تاريخه مسجل بالصوت والصورة، والشهادات حوله حية لأنه تاريخ عشناه، ولم نسمع عنه، لكن تعال لتنظر إلى التاريخ كمادة دراسية، كيف تبقى طوال الوقت مرهونة بنظام الحكم فتفرط فى تأييده وإسباغ الفضائل عليه وعندما يسقط تضطر للتوارى خجلا من اسمه، هل ستستمر هذه السياسة، وكيف ستترجم سيطرة الأغلبية الإسلامية سياسيا على كتب التاريخ، هل سيدرس التلاميذ تاريخ الإخوان المسلمين كما يروونه لأنفسهم وأعضائهم وشبابهم ويصدر فى كتبهم، أم كما يرويه خصومهم، أم أن هناك حلا علميا مهنيا موضوعيا بين هذا وذاك، هل سيُقدم حسن البنا للتلاميذ فى ثياب القديسين والمصلحين كما تقدم جمال عبدالناصر وسعد زغلول وأنور السادات وللغرابة مبارك دون جوانب سلبية، وإذا تغيرت الأغلبية فى انتخابات لاحقة هل سيتراجع كتاب التاريخ المدرسى عن مديحه لرموز أغلبية سابقة لصالح رموز أغلبية جديدة.
ماذا ستقول كتب التاريخ المدرسية فى ظل أغلبية إسلامية عن المواجهات المسلحة بين الدولة والجماعات الإسلامية، كيف ستصف العمليات التى نفذتها هذه الجماعات ضد الشرطة والمدنيين ورموز الدولة، هل تعتبرها عمليات إرهابية، أم خلافات سياسية كان السلاح فيها هو لغة الحوار، هل ستبرئ الجماعات منها وتظهرها كضحية اضطرت لرفع السلاح أمام الدولة الظالمة، أم ستقدمها باعتبارها إحدى خطايا التفكير وتلومها وتشير لمراجعاتها فى هذا الشأن؟
من يكتب التاريخ؟ هذا هو السؤال الذى لابد أن تفتحه واقعة درس إنجازات مبارك، لأن المؤكد أن من كتب هذا الدرس «مباركى» بفعل القناعة أو بفعل نفاق السلطة، لكن إذا تركنا تاريخ عبدالناصر يكتبه الناصريون، وتاريخ السادات يكتبه الساداتيون، وتاريخ الإخوان يكتبه الإخوان، وتاريخ اليسار يكتبه اليساريون، وتاريخ الجماعات الإسلامية يكتبه أمراء الجهاد المسلح، فهل سيكون بين أيدينا كتاب دراسى للتاريخ يصلح ليتدارسه الأجيال.
إصلاح مناهج التاريخ فى المدارس، وإعادة صياغة المعايير العلمية التى تقوم عليها هى بداية للقضاء على جذور النفاق فى هذا البلد، واستعادة كرامة من هضم التاريخ حقهم ووضع كل فى قدره بنجاحاته وأخطائه على السواء.
رأي المدون:
نظرا لأن التاريخ هو وجدان الأمة وهو الذي يشكل شخصية أبنائنا الأن وهم رجال المستقبل فإنه في رأيي أن من يكتب التاريخ من بعد 25 يناير يجب أن يكون بعيد تماما عن السلطه .
فيجب أن تشكل لجنه من كبار الكتاب والعلماء في كافة المجالات ومن كبار رجال القانون والفكر والشخصيات العامه على كافة إتجاهاتها ( على نمط المركز الإستراتيجي للأهرام ) وتقدم هذه اللجنه ( بعد متابعه طول العام ) بالإجتماع سنويا مره واحده تسجل في هذا الاجتماع تحدد النقاط الأساسيه لما حدث في خلال هذا العام وتقيمها الموضوعي له .
فيكون هذا السجل هو النبراس الذي يبني عليها التاريخ للأمة في هذه الفتره ويجب أن يتحرى فيها الحياد والموضوعيه
ولنسمي هذه اللجنه ( لجنة تسجيل تاريخ الأمة )
والله الموفق
التاريخ الصادق يسجل